IMLebanon

الإنتخابات النيابية في مواعيدها… فهل «يُطيّر» نقص التمويل «إنتخاب المغتربين» في دول العالم؟!

 

«التقشّف» وإقفال بعض السفارات ينعكس سلباً… وعدد الصناديق يُحدّد حجم الناخبين في الخارج!!

 

يُراهن البعض على عدم حصول الإنتخابات النيابية في مواعيدها الدستورية، أو يُلمّح الى إمكانية تأجيلها لسببٍ أو لآخر. غير أنّ ما أعلنه أخيراً رئيس الحكومة نجيب ميقاتي عن تذليل العقبة المالية أمامها، وتأمين الإعتمادات اللازمة لها، لا سيما وأنّه تأمّن حتى الآن مبلغ 10 ملايين دولار من أصل 15 مليون دولار تُشكّل مجمل نفقات العملية الإنتخابية، بات من المؤكّد أنّها ستحصل في شهر أيّار المقبل في الداخل كما في الخارج. وفُهم بأنّ كلّاً من السفارة الأميركية والأمم المتحدة قد أبدتا جهوزيتهما لتوفير الجزء المتبقّي من التمويل أي مبلغ الـ 5 ملايين دولار. وهذا الجزء (أو تحديداً 4 ملايين ونصف مليون دولار) مخصّص لانتخابات المغتربين وما تتطلّبه من تكاليف مالية لدفع بدلات إيجار مراكز الإقتراع وتذاكر سفر بعض الموظّفين والتعاقد مع مراقبين مساعدين وبعض المصاريف اللوجيستية الأخرى، فضلاً عن كلفة نقل صناديق الإقتراع من دول الخارج الى لبنان بعد انتهاء العملية الإنتخابية. ولا يزال لبنان ينتظر تأمين المبلغ بالكامل قبل ثلاثة أشهر من موعد الإنتخابات.

 

مصادر سياسية مطّلعة أكّدت بأنّ نقص المال لدى الدولة اللبنانية، أو عقدة تمويل الإنتخابات النيابية، في لبنان والخارج لم تعد سبباً جوهرياً، أو حجّة مقنعة يتمّ التركيز عليها من قبل البعض، من دون الإعلان عن ذلك، لتأجيل الإنتخابات النيابية، أو للتمديد للمجلس النيابي الحالي. فالتمويل بات بثلثيه مؤمّناً، فيما يجري العمل على تأمين القسم المتبقّي والذي تتطلّبه العملية الإنتخابية للمغتربين في دول العالم. علماً بأنّ وزارة الخارجية والمغتربين كانت تُعوّل على تمويل العملية الإنتخابية لغير المقيمين على الأراضي اللبنانية من قبل بعض المنظمات الدولية، لا سيما من الإتحاد الأوروبي، كما سبق وأن ناشدت الجاليات اللبنانية عبر سفاراتها وقنصلياتها وبعثاتها الديبلوماسية في الخارج بمدّ يدّ المساعدة للبنان لسدّ نقص التمويل لكي لا يتمّ إلغاء «انتخاب المغتربين»، سيما وأنّ عدد كبير من الناشطين اللبنانيين في دول العالم يُشجّع الناخبين على الإقتراع للمرشّحين المستقلّين أو من المجتمع المدني لتغيير السلطة الحاكمة، غير أنّها لم تحصل على ما كانت تتوقّعه.

 

وأوضحت المصادر أنّ عملية التقشّف الضخمة التي تقوم بها وزارة الخارجية حالياً وتطال جميع سفاراتها وقنصلياتها في الخارج، والتي يبلغ عددها 89 في دول العالم، أثّرت سلباً على التعاون الجدّي من قبل هذه الأخيرة مع البيانات الصادرة عن الخارجية حول مسألة تمويل العملية الإنتخابية للمغتربين. فالخارجية التي تقوم بخفض ميزانيتها الى النصف، ستُصبح مضطرّة حتماً الى إقفال عدد من سفاراتها وقنصلياتها في الخارج، حيث هناك أكثر من واحدة في بلدٍ معيّن، حتى ولو كان كبير المساحة أو يضمّ ولايات عدّة بعيدة جغرافياً عن بعضها البعض، كما ستقوم بخفض رواتب السفراء والديبلوماسيين والموظّفين، على ما أبلغت، وكلّ هذا لم يُشجّع هؤلاء على بذل الجهود المناسبة لتأمين نفقات الإنتخابات في دولهم.

 

وترى المصادر نفسها بأنّ إقفال بعض السفارات اللبنانية في دول الخارج، إذا ما حصل قبل الإنتخابات النيابية، سيؤثّر أيضاً على انخفاض نسبة المقترعين من بين اللبنانيين المسجّلين للإنتخاب، والذين يبلغ عددهم 225.114 مسجّل موزّعين على الدول العربية والأجنبية، ربّما الى النصف. فالمشاكل التي قد تعترض هؤلاء من عدم فتح مراكز إقتراع قريباً من أماكن إقامتهم، واضطرارهم الى دفع تذكرة سفر للوصول الى أقرب مركز إقتراع، وغير ذلك، قد تُثني عدداً كبيراً منهم عن الذهاب الى الإنتخاب. من هنا، فإنّ عدد مراكز الإقتراع أو صناديق الإقتراع الذي سيوضع في دول الخارج، سيُحدّد عدد الناخبين غير المقيمين على الأراضي اللبنانية.

 

ولأنّ المجتمع الدولي يُراقب لبنان، ويصرّ على إجراء الإنتخابات النيابية في مواعيدها الدستورية، فلن يتوانى عن مساعدة لبنان في مسألة تأمين التمويل، على ما لفتت المصادر، إن من قبل الأمم المتحدة أو السفارة الأميركية اللتين أظهرتا استعدادهما لإزالة هذه العقدة، كونها قد «تُطيّر» الإنتخابات النيابية في دول الخارج، شرط التزام لبنان بالمواعيد وبالشفافية خلال الإنتخابات، كما تُصرّان على ضرورة حصول الإنتخابات لجميع الناخبين اللبنانيين في الداخل والخارج. كذلك سأل عدد من سفراء بعض الدول الكبرى عن الميزانية المقدّرة للعملية الإنتخابية للرجوع الى بلدانهم، ومعرفة موقفها من مسألة مدّ يدّ المساعدة للبنان في هذا الإطار. علماً بأنّه جرى توضيح أنّ بعض الجهات الدولية قد أبدت استعدادها لسدّ النقص المتبقّي، شرط أن يتمّ إنفاق الأموال على الأمور اللوجيستية مثل توفير القرطاسية والحبر والورق وإصدار إخراجات القيد واللوازم الضرورية للعملية الإنتخابية، دون أي أمور أخرى تشمل تعويضات رؤساء الأقلام والمراقبين والأجهزة العسكرية، لكي لا يُفسّر ذلك على أنّه تدخّل مباشر في العملية الإنتخابية، أو نوع من دفع الرشاوى الإنتخابية.

 

وتقول المصادر عينها بأنّ السفارة الأميركية تصرّ على إجراء الإنتخابات النيابية في مواعيدها الدستورية، بهدف «إحداث التغيير» بدءاً من المجلس النيابي الجديد، كما أنّ الأمم المتحدة تجد في الإنتخابات النيابية باباً متاحاً أمام اللبنانيين يُمكنهم الإستفادة منه لتغيير الوجوه السياسية التي أوصلت البلد الى الإنهيار الذي يعيشه حالياً، وذلك بعيداً عن الصراعات والمواجهات العسكرية في الشارع. ولهذا فإنّهما لن تدعا ثغرة تمويل العملية الإنتخابية تحول دون إجرائها في مواعيدها. وإن لم يتمّ تأمين المبلغ المتبقّي لسبب أو لآخر، فإنّ الحكومة ستستخدم «الإحتياط» لعدم حرمان المغتربين من ممارسة حقّهم في الإقتراع كسائر اللبنانيين في الداخل.

 

وأشارت المصادر الى أنّ هذا الأمر سيُواجه معارضة من بعض الأطراف السياسية في الداخل التي هي ضدّ المسّ بالإحتياط، لتأمين اقتراع نحو 225 ألف مسجّل، قد يذهب نصفهم الى الإنتخابات، فيما هناك 4 ملايين لبناني في الداخل يُعانون من سياسيات التجويع والتفقير، كما من البطالة، ولا تقوم الحكومة بدفع أي مبلغ من «الإحتياطي» لتحسين أوضاعهم. أمّا المساعدات المالية التي وعدت الحكومة، وتحديداً وزارة الشؤون الإجتماعية، بأنّها ستبدأ بدفعها للعائلات الأكثر فقراً في آذار المقبل، ضمن برنامج «دعم»، فهي من تمويل خارجي لمساعدة اللبنانيين على تخطّي محنتهم.

 

من هنا، تقول المصادر بما أنّ تمويل النفقات الإنتخابية بات شبه مؤمّن من قبل الحكومة وبعض المنظمات ودول الخارج، فهذا يعني بأنّ الإنتخابات النيابية ستجري مبدئياً في مواعيدها الدستورية أي في 6 أيّار المقبل للناخبين اللبنانيين في الدول العربية، وفي 8 منه للناخبين في الدول الأجنبية، وفي 12 منه للموظّفين الذين سيُشاركون في العملية الإنتخابية، وفي 15 منه للبنانيين في سائر الدوائر الإنتخابية في سائر المناطق اللبنانية، فيما يبقى التشكيك في إمكانية عدم حصول الإنتخابات يرتبط بحصول حادث أو انفجار أمني كبير، وهو أمر مستبعد…