القوى السياسية تحرص على وضع الخلافات جانباً والانصراف لمعالجة الملفات الضاغطة
الانتخابات النيابية في موعدها.. قيام تحالفات وفك تحالفات أخرى
بالرغم من العاصفة التي ضربت العالم نتيجة إعلان الرئيس الأميركي ترامب القدس عاصمة لإسرائيل والمواقف الإقليمية والدولية التي لا تزال تطلق حول هذا القرار، فإن لبنان الذي يعد من بين الدول الأوائل المتأثرة بمثل هذا القرار لما يرتبه من مخاوف تتعلق بالتوطين، ماضٍ في تحصين وضعه الداخلي، حيث يبدو أن كل الأفرقاء السياسيين عازمون على النأي بالساحة الداخلية عن أية توترات سياسية من شأنها أن تعيد المرحلة التي عاشها لبنان إبان استقالة الرئيس سعد الحريري، ويترجم هذا التوجه من خلال الحرص الشديد على وضع المواضيع الخلافية جانباً والانصراف إلى معالجة الملفات الضاغطة ويأتي في أولويتها ملف النفط، بالإضافة إلى ملفات ومواضيع أخرى ستكون على طاولة مجلس الوزراء يوم غد الخميس، إذ يتضمن جدول أعمال الجلسة كماً هائلاً من البنود المتعلقة بقضايا حيوية متراكمة منذ مُـدّة طويلة تقرر نفض الغبار عنها ومعالجتها في ظل أجواء الود والهدوء التي تحكم الساحة السياسية في هذه المرحلة.
وإذا كان من غير المستبعد أن يثير بعض الوزراء مواضيع سياسية على هامش جدول الأعمال، غير ان مقاربة ما سيطرح ستتم تحت سقف التفاهم السياسي الذي ضخ الأوكسجين مجدداً في شرايينه بفعل عودة الرئيس الحريري عن الاستقالة وذهاب كل القوى إلى الإجماع حول النأي بالنفس عن صراعات المنطقة.
وفي اعتقاد مصادر سياسية أن ما سيطلقه الرئيس الحريري من مواقف في مقابلته التلفزيونية يوم الخميس في 21 الشهر الحالي سيكون لها وقعها المؤثر على المسار السياسي العام، وهي سترسم بالتأكيد معالم المرحلة المقبلة وخارطة التحالفات على أبواب اعداد العدة لاجراء الانتخابات النيابية التي تجمع كل الأطراف على حصولها في موعدها المحدد، إذ لا يوجد في الأفق أي معطى داخلي أو إقليمي يوحي بإمكانية ارجاء هذه الانتخابات التي سيكون لنتائجها بالغ الأثر على المرحلة السياسية القادمة بفعل تبعثر تحالفات وقيام أخرى في هذه لمعركة.
وفي هذا السياق، تلفت هذه المصادر النظر إلى تلقي لبنان رسائل متعددة على المستويين الإقليمي والدولي تتضمن دعوة ملحة لتأمين الظروف الملائمة لحصول الاستحقاق الانتخابي، حيث لا يوجد أي مبرر يحول دون حصول هذه الانتخابات التي من شأنها أن تعيد لبنان إلى خارطة الدول التي تحترم المواعيد الدستورية وتتمسك بالنظام الديمقراطي.
وفي تقدير المصادر، أن هذه الانتخابات لن تؤجل إلا بفعل أحداث غير موضوعة في الحسبان خصوصاً وأن لبنان ما زال على خط زلازل المنطقة التي لا تزال تعيش تحت وطأة أزمات خطيرة تترافق وخطوات متقدمة في اتجاه إنضاج تسوية تعد في المطابخ الدولية لوضع حدّ للحروب المندلعة في أكثر من مكان.
وما يُعزّز اعتقاد هذه المصادر بأن «الامور ماشية» في ما خص الانتخابات النيابية هو حرص رئيس مجلس النواب نبيه برّي على إثارة هذا الاستحقاق أمام زواره في الداخل وأمام أي زائر خارجي، وكان آخرها بالأمس، حيث أكد أن هذه الانتخابات ستجرى في موعدها وفي إطار هذا القانون الذي لم يكن المثالي ولكن هذا ما تمّ الاتفاق عليه، متمنياً أن تكون الانتخابات عملاً جديداً لانطلاقة جديدة تؤمن تمثيل جميع الطبقات والفئات اللبنانية.
وتعتبر المصادر أن هذا الكلام للرئيس برّي، في هذه المرحلة، من شأنه أن يقطع الشك باليقين بأن الانتخابات، حتى هذه اللحظة، حاصلة لا محال، خصوصاً وانه يأتي في ظل اجتماعات متتالية تحصل بين الرئيس برّي ووزير الداخلية نهاد المشنوق الذي يُؤكّد بدوره أن الانتخابات ستحصل وأن وزارته ماضية في اعداد ما هو مطلوب منها لإنجاز هذا الاستحقاق في موعده المحدد في أيار المقبل.
وتتوقع المصادر أن تبدأ الماكينات الانتخابية بالعمل بعد وقت قصير نظراً للجدية التي يتم التعاطي بها مع هذه الانتخابات التي بالتأكيد ستكون مختلفة في شكلها ونتائجها عن كل الانتخابات السابقة، حيث ستحصل وفق قانون جديد، وفي ظل قيام تحالفات سياسية، وفك تحالفات أخرى، وهو ما يعني أن حسابات القوى السياسية ستكون دقيقة وبالغة الحساسية باعتبار أن أية دعسة ناقصة من أي جهة ستؤدي إلى خلل في التوازنات السياسية تحت قبة البرلمان، لا سيما وأن المجلس المقبل هو من سينتخب الرئيس الذي سيخلف العماد ميشال عون في رئاسة الجمهورية.
وفي رأي المصادر، أن إجراء الانتخابات على أساس القانون النسبي لأول مرّة في لبنان ربما تفاجئ نتائجها الكثيرين، ومن بينهم الذين كانوا عرّابي هذا القانون بذاتهم، خصوصاً وأن لوائح انتخابية في أكثر من مكان ستكون عُرضة للاختراق.
حسين زلغوط