انطلق قطار الترشيحات النيابية، ولا جديد بالغ الأهمية يذكر.. وسط تحديات متعددة العناوين والمصادر، و»كل يغني على ليلاه» ساعياً وراء نيل حصة لافتة ووازنة من «قالب حلوى» السلطة ومواقع القرار والنفوذ..
لم يكتمل المشهد بعد، والجميع يتطلعون الى ما أعلنه الرئيس نبيه بري والامين العام لـ»حزب الله» السيد حسن نصر الله، على أنه بداية ليست كافية لإخاطة الثوب البرلماني الجديد، وان كانت المعطيات المتوافرة تشير الى ان لا تبدلات ذات قيمة ستحضر في ما تبقى من ترشيحات لدى سائر القوى والاحزاب والتيارات والقيادات السياسية..
افتتاح مشهد الترشيحات أول من أمس التي دشنها «الثنائي الشيعي» لم يغب عن المشهدية الدولية والاقليمية.. والاستعدادات لمواجهة المخاطر التي تحيط بلبنان وتهدده، ومن أبرزها مسار الخلاف مع الكيان الاسرائيلي حول الحدود البرية والبحرية.. والجميع يتطلع الى المرحلة التالية، وما ستكون عليه اللوائح الانتخابية..
لا يختلف اثنان على ان «الثنائي الشيعي» («أمل» و»حزب الله») مرتاح للتحالف الحديدي بينهما، الذي يستحيل خرقه، وقد رسم الرئيس نبيه بري خارطة طريق المرحلة المقبلة والمعززة بتأكيد التزامه الدستور ووثيقة الوفاق الوطني وحفظ وحدة وسيادة لبنان وحدوده الوطنية بمواجهة الاطماع والعدوانية الاسرائيلية ووجهها الآخر المتمثل بـ»الارهاب التكفيري». وتعزيز قوة ومناعة لبنان عبر زيادة عديد وعتاد الجيش ومدة بالاسلحة الحديثة مع التمسك بالمعادلة التي ارساها «المثلث الماسي» المتمثل بالشعب والجيش والمقاومة..». وهو البند الذي سيثير سيلاً، بل عاصفة من الاسئلة والتساؤلات، والاعتراضات القديمة – المتجددة على خلفية رفض ازدواجية السلاح وضياع قرار الحرب والسلم وفي يد من سيكون هذه القرار؟!
يشدد عدد من الافرقاء على ضرورة وأهمية احياء «الاستراتيجية الدفاعية» والتزام «النأي بالنفس» و»التمسك بالاستقرار السياسي والأمني والاقتصادي والاجتماعي.. وهم يرفضون مقولة «الثلاثية الماسية» ويطالبون بتعزيز دور الجيش والقوى الامنية وحصر السلاح بها وربط قرار السلم والحرب بيد المؤسسات الدستورية المعنية..
ليس من شك في ان كل ذلك كما مسار الخلاف مع الكيان الاسرائيلي سيكون له دور بارز في التحالفات النيابية المقبلة، معززة بمواقف اقليمية ودولية لم تعد خافية على أحد.. خصوصاً وأن البعض لا يتردد في الدعوة الى عدم تسعير الخلاف مع الكيان الاسرائيلي (أقله راهنا) بهدف الكسب الاعلامي على أبواب الانتخابات النيابية، وبهدف تحقيق مصالح آنية لعدد من الدول.. خصوصاً أكثر، ما يتردد عن «أوساط ديبلوماسية» متابعة لمسار التطورات على الساحة اللبنانية لا ترى «ما يشغل البال» حول الصراع اللبناني – الاسرائيلي بشأن الحدود البرية والبحرية والثروة النفطية والغازية.. لاسيما وان قيادات «حزب الله» لاتزال تردد دعوتها المجلس الأعلى للدفاع ليتخذ قراره بمهاجمة إسرائيل.. ليكون الرد بمنع المنشآت النفطية الاسرائيلية من العمل خلال ساعات..
لا أحد ينكر وجود عقبات بالغة التعقيد في طريق انجاز مسألة الحقوق اللبنانية.. والرئيس سعد الحريري، الذي يتروى في اعلان أسماء مرشحيه، لايزال عند قناعته بأن «الامر الوحيد الذي سيفيد لبنان هو سياسة النأي بالنفس التي أقرتها الحكومة اللبنانية باجماع أعضائها، بمن فيهم وزراء «أمل» و»حزب الله».. خصوصاً وأن «لبنان بلد يقع في وسط منطقة فيها نزاعات كثيرة، وهذه النزاعات تؤثر عليه ولدينا مليون ونصف مليون لاجىء سوري.. ولا يعرف مستقبلهم ومصيرهم..».
كما ان أحداً لا ينكر أيضا تصويب الولايات المتحدة الاميركية وتركيزها المتواصل علي «حزب الله».. وهو استهداف لن يكون لبنان بمنأى عن تداعياته الاقتصادية والمالية.. على رغم السعي الدؤوب لتطويق ذلك..
يتفق الجميع على ضرورة اجراء الانتخابات في موعدها مطلع ايار المقبل – على رغم التسريبات المتلاحقة عن تطورات أمنية قد تطيح بها – كما يتفقون على أهمية هذه الانتخابات بالنظر الى دورها في تحديد شكل المجلس النيابي الجديد والمسار السياسي، وغير السياسي المستقبلي للبنان…وبنظر البعض فإن المشاركة الكثيفة في الانتخابات هي مسؤولية وواجب.. وان الانقسامات الداخلية لا تحول دون المضي في سياسة «ربط النزاع» بين الافرقاء المتخاصمين خصوصاً بين «المستقبل» وحلفائه و»حزب الله».. و»قد أثبت اداء الرئيس سعد الحريري على مدى السنوات الماضية أنه وضع النقاط الخلافية على الرف (ومن بينها المحكمة الدولية) مؤكداً رفضه استخدام التباينات والخلافات في صراع داخلي، وقد جلس في الحكومة نفسها مع «حزب الله» وحلفائه..؟!