الجزء الأول: خرج الرئيس سعد الحريري من الهجرة التي طالت، ليطرح الحليف الأول لنظام لطالما اتهمه باغتيال والده، مرشحاً لرئاسة الجمهورية. هل نعتب؟ لا، لأن الحريري ربما أراد أن يتخطى الجراح الشخصية لمصلحة وطنية شاملة لا تبنى إلا مع الآخر، ولأنه فهم بعد ٧ أيار أن لا حول ولا قوة الا بالحزب العظيم! ربما يكون هذا التحليل واقعياً، لكن ألم يلاحظ مستشارو الرئيس سعد الحريري ان هذا الطرح لا يمكن ان يرى الضوء لانه طرح بهذه الطريقة؟
الجزء الثاني: خرج “الحكيم” فوحّد الصف المسيحي وحقق حلم الطائفة التي لا تتفق كسائر الطوائف على ملك واحد، فأجاب حليفه في ١٤ آذار بترشيح برتقالي غير متوقع.
الجزء الثالث: هذا الجزء من المشهد الاول يتضمن دخولاً يشبه دخول الرئيس اوباما. الشيخ سامي الجميّل يدخل وسط تصفيق الجماهير ليطلق رداً على الحكيم والجنرال: أنتما اتفقتما من دون الكتائب، فأنا لا ارشح احداً وأحاول ان أبقى على مواقف ١٤ آذار، فلن أرشح احداً من ٨ آذار ولن انضم الى “القوات” ولا الى “تيار المستقبل”.
المشهد الأول من الجزء الثالث جميل وغير متوقع، والأجمل أننا اليوم أصبحنا ننتظر المشهد الثاني، أو الثالث أو ربما الأهم، الجزء الرابع والأخير، وبطله سيكون “حزب الله”، لنرى إذا كان يريد رئيساً أو لا يريد، وخصوصاً أنه أصبح هناك مرشحان رئيسيان، رشح “المستقبل” الأول ودعمت “القوات” الثاني، حليف الحزب، فلا حجة لعدم الاتجاه الى مجلس النواب والتصويت لأحد المرشحين. وحتى الكتائب أو غيرها لن يقاطعا، فننتظر الجزء الرابع من مسرحية طالت وما زال الناس يتابعونها بشوق ويحللون مواقف الزعماء! وينتظر الناس الانفراج والحلول من زعماء باعوا الحدود والسيادة وقدموا لنا النفايات والأمراض والتعطيل، وما زلنا ننتظر منهم الحلول ونفرح لأنهم يتصورون مع بعضهم أو يسلمون على بعضهم أو يرشحون بعضهم من دون روية او نظرة الى البلاد، فقط لحسابات خاصة وسياسة ونكايات وحسابات بين بعضهم البعض، ولحسابات خارجية!
وها نحن أمام آخر فصول هذه المسرحية مع مرشحين من 8 آذار وداعمين كبيرين لهما من 14 آذار، وفرز سياسي طويل عريض أقام الدنيا ولم يقعدها، ومع ذلك نعود الى المراوحة والدوامة، ولا انتخابات ولا من يحزنون.
شبعنا مسرحيات واستخفافاً بعقولنا! نعم، ربما البعض سيهنئ الجميّل بموقفه، وربما البعض يفرح لمصالحة جعجع وعون، وطبعا قلنا ونقول إن ضربة جعجع ضربة معلم، والبعض الآخر يراهن على سليمان والحريري. لكن كل هذا لا يهم، وما يهمّ هو أن لبنان ما عاد يحتمل مناورات ومسرحيات واصطفافات وسياسة مبنية على نكايات. لبنان واللبنانيون شبعوا سيناريوات لم تؤمن لهم سوى الحروب والهجرة والمآسي والنفايات!