Site icon IMLebanon

تحوّلات إحتجاجية وصلت إلى أعماق حزبية

 

تحولات جذرية باتت تزخر بها مجمل الأوساط السياسية والحزبية بصورة مستجدة أصابت مجمل القيادات بطوارىء الإستغراب والتنبه وصولا إلى ممارسات المعالجة بإطاريها، الحبّي والقسري. بعضٌ من هذه التحولات، ما زال قيد الكتمان، وكثيرٌ منها باتت ملامحه وأصوات المعترضين الحزبيين عليه تخرج إلى العلن. باختصار، بعضها قد وصل إلى علم الكثيرين صادرة عن أعضاء منتمين إلى تلك الأحزاب والكتل طرأت ضمن لقاءاتها الحزبية المختصرة والموسعة، واكبها في بعض الحالات، صياح اعتراضي واحتجاجات حادة على الأوضاع التي باتت تسود البلاد، وتتناول المواطنين، بمن فيهم فعاليات حزبية بشتى وأفدح طوارىء المعاناة والتدهور المعيشي، وتُرِكتْ من بعض القيادات الحزبية دون معالجة ملموسة ومنتجة، مما لم يسلم من آثاره القاهرة والمدمّرة، غلاة الحزبيين (البعيدين عن القيادة والزعامة الحزبية) الذين باتت أوضاعهم الحياتية المتماثلة مع أوضاع أمثالهم من أغلبية المواطنين الكاسحة، فبات الجوع والمرض والمعاناة المتفاقمة في شتى شؤون الحياة وشجونها، شأنا وطنيا شاملا يزداد حده انتشارا، ويحتاج إلى معالجات شاملة لعلها بدخولها إلى الصلب الحزبي تزيد من صعوبات الأوضاع «الجهنمية» الخطرة التي تعاني منها جموع اللبنانيين، لطالما حذّر الكثيرون من امتداداتها على المستوى الوطني الشامل، حيث ما زالت الأوضاع مستمرة في هبوطها إلى درك الفقر والعوز والمرض والعلاج الطبي الغارق في مثالية ومخالبه التي باتت تنهش في جموع الناس بمخالب دواء مفقود وعلاج استشفائي شبه متعذر وأعداد تزداد انتشارا مكتسبة مع مطلع كل شمس، أرتالا جديدة من المواطنين الذين طرحتهم «الطبقة المتوسطة» خارج انتماءاتها وألقت بألوفهم المؤلفة في لهيب «جهنم» وقد أضحوا في طليعة الفقراء والمعوزين.

 

نقول ذلك وقد وصلت إلينا كثير من التفاصيل التي حصلت في صلب الإطارات الحزبية، وبعضها كان يصعب على المراقبين أن يتخيلوا حصول نماذج ملموسة منها، تبرز في إطارات تنظيمية باتت تشكو من أوضاعها العامة إلى تلك الحدود المستفحلة، فإذا كانت الشكوى لغير الله مذلّة، فإن الشكاوى المستجدة في هذا الإطار بات ينطبق عليها مثل هذا التأكيد المعبّر.

 

وبعد: كثيرٌ من الأوضاع المستجدة تكاتفت لإيصال الأحوال إلى ما باتت عليه، لعل الكورونا التي عمّت الدنيا بأسرها وبآثارها، والحرب التي أطلت على العالم من خلال الصراع الروسي-الأوكراني المسلح، ومن خلال مشاريع مخيفة لحرب محتملة تهدّد بصراع نووي لن يترك أحداً ينفد من براثنه الحادة في شتى الحقول والميادين، ومن خلال تلك المستجدات المتوحشة، تقبع في مواقع الشعوب الضعيفة، وقد ازدادت مصائبها الحياتية والإقتصادية والسياسية والطبية والعلاجية، حدّة وشدة، وباتت في طليعة البلدان التي تتسارع في الإنهيار على مجاهل الغوص في مهاوي المعاناة الماساوية التي باتت تدق أبوابها وأرضها وجموعها الشعبية الضائعة في غياهب القهر والذل والآلام الشديدة وبات في صلب المنتمين إليها، من أشرنا إليهم في مطلع هذه الكلمة، ولا شك أننا في لبنان نشكل جزءًا واضحاً وفاضحاً بين تلك الشعوب بمن فيها الشعوب المتطورة التي لم يسبق لها أن توصلت إلى حدود الإنهيارات التي باتت تطاولها وتدفع بها إلى صميم المعاناة العامة، ولنا في ما تشهده الدول الأوروبية ودول الصراع القائم من خلال الحرب الروسية-الأوكرانية، وصولا في ذلك إلى الولايات المتحدة التي تغوص في صلب هذا الصراع القائم وتدفع إلى الإنجرار إليه بشتى أنواع الضغوط التي باتت تلقى كثيرا من التخوف والتأفف من نتائجها على بلدان هذه المنطقة، فإذا بنا نشهد في مجالات التصويت في الأمم المتحدة، أصواتا تصبّ في مجالات التهرّب من وضعيات الضغط الأميركي الطامح إلى نتائج تصب في مصالحه بصورة مستفحلة، وكأننا من خلال ذلك نشهد جملة من التحولات التي باتت تسعى إلى تحقيق مصالحها من خلال التعدد الذي باتت عليه زعامات القوى العظمى والكبرى، وكأننا بالتالي، على أبواب وضعيات تحولية تندفع إليها الشعوب في إطارات مصلحية جديدة، تكللها طاقات قوة متعاظمة باتت تنافس الولايات المتحدة في أحجامها وآثارها.

 

نقول ذلك، وعيوننا تتدافع إلى المستجدات المحلية التي باتت جموع الشعب اللبناني، بما فيه بعض من فئاته المنتمية إلى القوى الحزبية، الكبير منها والصغير، مثبِتة أن التحولات القائمة قد وصلت إلى عقر دار الجهات التي كانت تظن أن آثار الإنهيار الإجتماعي والإقتصادي والحياتي لن يصل إليها، ولا تخلو تلك الأحوال المستجدّة من حكمةٍ تحفل بها أقوال شديدة العمق والتعبير الصائب: دوام الحال من المحال ولا يدوم إلاّ الدائم، وجميع اللبنانيين بانتظار تحولات منتظرة.