IMLebanon

شركاء في جنيف  شركاء في حلب

حلب تحترق تحت أنظار الجميع في مناخ الايحاء ان المعارض والارهابي والمدني واحد. ولا أحد يبدو كأنه أمام مفاجأة: الأمم المتحدة المدججة بقرارات من ورق عاجزة إلاّ عن إبداء القلق والتحذير من كارثة انسانية. والمجموعة الدولية لدعم سوريا محكومة بأن تترك دور الاطفائي للرئاسة الروسية – الأميركية المشتركة. لكن الروسي شريك في المعركة، سواء بقيت ضمن حدود القصف من دون تحرّك على الأرض أو صارت معركة حلب الفاصلة التي كثر حديث دمشق عنها. والأميركي شريك الروسي في توظيف المعركة. وهما معاً، بصرف النظر عن اختلاف الخطاب، خائفان في هذه المرحلة على النظام وراغبان في الامساك بالمعارضة، بحيث يتمكنان من تنظيم الأحجام والأدوار وترتيب أجواء ملائمة للحرب على داعش والنصرة وبقية التنظيمات الارهابية.

ومن السهل تصوير معركة حلب بأنها عملية مهمة لتوسيع طريق الخيار السياسي. لكن من الصعب تجاهل الانطباع السائد، وهو انها معركة لإكمال طريق الخيار العسكري. فالمسافة بعيدة بين الخطاب الروسي والأميركي الذي يكرّر القول ان الحلّ في سوريا سياسي، لا عسكري، وبين الواقع الذي يوحي ان الرهانات كانت ولا تزال على الحل العسكري. والتسوية السياسية ليست في حاجة الى معركة حلب بل ان التسوية السياسية هي الشرط لنجاح الحرب على الارهاب.

وليس في النظام والمعارضة والقوى الداعمة لكل منهما من يجهل أمرين: أولهما صعوبة المعركة وقسوتها وخصوصاً على المدنيين، والمدى الزمني الذي تستغرقه. وثانيهما ان من يربح المعركة، اذا كان هناك رابح وخاسر كلياً، سيحصل على أطلال مدينة مدمرة كانت العاصمة الاقتصادية للبلد ومن أقدم المدن العامرة في التاريخ.

والسؤال، على افتراض ان حريق حلب يمهد الطريق الى جولة جديدة في جنيف هو: هل في محادثات جنيف جدية في بحث التسوية؟ والجواب ليس في السطور بل بين السطور في ملخص الوسيط الدولي للمحادثات والذي وزعه ستيفان دي ميستورا على المشاركين في الجولة الأخيرة. فمن الصعب على الموفد الدولي أن يعترف بالفشل المدوي في المحادثات، لأن ذلك يقوده، بطبائع الأمور الى الاستقالة. وهو استخدم كل براعته الديبلوماسية لإقناع من يقرأ الملخص بأن هناك ١٥ نقطة من القواسم المشتركة بين وفدي الحكومة والهيئة التفاوضية العليا و١٨ نقطة عالقة تحتاج الى تحديد أكثر وتفاصيل.

لكن نقاط التوافق هي فقط حول بعض العناوين العامة والبدهيات. والنقاط العالقة هي أساس التسوية السياسية وادارة السلطة بعد الانتقال السياسي.

ومن يقول ان معركة حلب هي الطريق الى جنيف يسمع من يقول ان محادثات جنيف هي غطاء لاستمرار الحرب.