مثلما عجزت السلطة اللبنانية من تغيير معالم ساحة الله في طرابلس، لتعيد اليها طابعها الوطني السابق مستديرة عبد الحميد كرامي. فشلت السلطة ذاتها في تعيين مدير لكلية ادارة الاعمال في عاصمة الشمال لأنه من الطائفة المسيحية. وفي المحاولتين الفاشلتين كانت البصمات الإسلامية الفاعلة واضحة وناجحة في العرقلة. ففي الأولى تظلل الرافضون بالراية المقدسة فتراجع الجميع وتنصل وحفظت وزارة الداخلية ماء الوجه باستبدال اللون الأسود بالأبيض للراية الإسلامية لكن تمثال عبد الحميد بقي بعيدا عن قاعدته. هذا الكلام أطلقته المصادر المسيحية التي تعيش حالياً تحت وقع الصدمة بعدما شاهدت فيلم ذبح الأقباط وهم يتضرعون: يا يسوع. وتسأل هذه المصادر عن ردة الفعل لدى شركاؤنا في الوطن اذا حاولت إحدى الأحزاب المسيحية من وضع لوحة كتب عليها: جونيه عاصمة المسيحيين.
وتستغرب المصادر المسيحية عن التراخي واللامبالاة في قضية الدكتور انطوان طنوس. وتأسف كيف أن المراكز المسيحية تتناقص يوماً بعد يوم، وبأن الشركاء في الوطن يتصارعون على التركة وكأنها «رزق سايب»، كل ذلك يجري والأحزاب والقوى السياسية والدينية لا تحرك ساكناً وكأنها استسلمت لمشيئة الهيمنة والسلطة، ما خلا موقف وزير التربية الياس بو صعب الذي اعتبر اقالة طنوس ظلماً.
وتضيف المصادر ان هذه القوى وقفت ايضاً عاجزة أمام بيع الأراضي تماماً كما تقف اليوم مكتوفة الأيدي أمام المظاهرات الرافضة لتعيين مدير مسيحي. فاثبت هؤلاء المعترضون فعلاً وقولا بأن طرابلس عاصمة المسلمين. واللافت والمؤسف، تضيف الأوساط المسيحية الغاضبة أن العزم والمستقبل اتحدا رغم العداء بينهما وشعارهما انا وابن عمي عالغريب… فهل يستمر المسيحي غريبا عن مركز القرار كما هو حاصل اليوم؟ وهل يبقى مغبونا في «قسمة الحق» التي كفلها الدستور؟
رئيس الجامعة اللبنانية الوزير السابق عدنان السيد حسين اوقف العمل بقرار تعيين طنوس مديراً للكلية المذكورة وطلب من مجلس الفرع تولي الادارة ريثما يتم تعيين آخر، هذه المشكلة ليست الاولى التي تواجه الجامعة الوطنية، فالجميع يذكر قصة التجاذبات في تعيين عمداء الكليات ومجلس الجامعة الذي تم تغييبه لاكثر من 11 عاماً.
مصادر شمالية اكدت ان المشكلة ليست لانه مسيحي بل لانه محسوب على النائب سليمان فرنجية، فضلا عن الغبن الذي لحق بالسنة في التعيينات التي هي اقل بكثير من النسبة المفترضة. وهي اعطيت للشيعة في الدرجة الاولى وبالدرجة الثالثة والرابعة السنة وهذا الامر غير مقبول ويجب ان تكون التعيينات بالتساوي اضافة الى انه من المستحسن ان يعين سني في طرابلس ومسيحي في مكان اخر.
مصادر مسيحية شمالية تؤكد ان المشكلة ان هناك 6 كليات لإدارة الاعمال في البلد ولا واحدة يرأسها سني فاختاروا كلية طرابلس التي وفق التعيينات التي صدرت كانت من حصة مسيحي من هنا تم طرح تبادل بين كلية الفنون التي يرأسها «مستقبلي» لا سيما وان عدد كليات ادارة الاعمال هو ثمانية 4 للمسيحيين و4 للمسلمين اما اليوم فالرئاسة معقودة لـ 3 مسيحيين و5 مسلمين ولكن المشكلة حصلت عندما تم الاتفاق على التبادل فتبين ان المرشح لرئاسة الاعمال بدل انطوان طنوس هو مقرب من الرئيس نجيب ميقاتي عندها علقت هذه التعيينات لحين الاتفاق.
مصدر شمالي اكد ان هناك 48 مديراً لكليات الجامعة اللبنانية، وعندما تحصل التعيينات ترسل الى رئيس الجامعة 3 اسماء لكل كلية حيث يتم اختيار اسماً واحدا وهذا الامر من صلاحيات الرئيس وحقه، اضاف: نحن نرفض زج الجامعة بالموضوع الطائفي لأنها مؤسسة وطنية وصرحا للاندماج والانصهار الوطني، لكن رئيس الجامعة وقف «عند خاطر» بعض المرجعيات السياسية وبناء على التسميات التي اعطيت له شطب اسماء واضاف اخرى، واصدر بعدها التعيينات في زحلة وبيروت وصيدا، وعندما وصلت التعيينات الى كليات الشمال اعترضنا على تعيين الدكتور طنوس، فإتى رد رئيس الجامعة انه يرغب بتحقيق التوازن في كلية ادارة الاعمال على الرغم من انها كانت منذ زمن معقودة للسنة وهو بالطبع ليس السبب الاساسي لهذا الاعتراض كوننا لا نتمسك بذلك، رغم ان المسيحيين لا يقبلون بالتخلي عن كلية الهندسة، لكن رئيس الجامعة قرر كسر العرف، فكان ردنا ان هذا الامر يجب ان يطال كل لبنان.
وتابع المصدر ان هناك 48 مديراً بينهم 20 مسيحياً، فهل بذلك يكون رئيس الجامعة قد حقق التوازن واعاد للمسيحيين حقهم، لافتاً الى ان توحد الموقف بين «المستقبل» و«العزم» يعود الى ان الرئيس الجديد يقوم بتصرفات استفزازية، اضافة الى انه خالف قانون التفرغ الذي يفرض التفرغ للجامعة اللبنانية وان لا يكون متعاقدا مع اية جامعة اخرى والاخير متعاقد مع 3 جامعات اخرى.
ونفى المصدر ان يكون الاعتراض سببه ان الرئيس المعين هو مقرب من النائب سليمان فرنجية الذي نعتبر حصته حصتنا.