IMLebanon

“الحزب” و”التيّار” كانا ينتظران كلاماً آخر من فرنجيه والمقابلة التلفزيونية بدّدت التباسات وكرّست مخاوف

اُريد للمقابلة التلفزيونية لرئيس تيار”المردة” النائب سليمان فرنجيه ان تعيد تعويم مبادرة ترشيحه للرئاسة الاولى، لكن رياح الامور سارت بخلاف ما يشتهيه المخططون والمعدّون.

وهكذا يمكن القول ان اندفاعة ترشيح فرنجيه كانت جدية، وفرملة هذه الاندفاعة كانت جدية ايضا ومثمرة لكن محاولة التعويم كانت فاشلة بجدارة.

تلك هي بايجاز الاستنتاجات الاولية التي خرج بها بعض اركان فريقي 8 اذار و”تكتل التغيير والاصلاح” بعد رصدهم لمجريات هذه المقابلة ومندرجاتها.

لكن ثمة اهمية تنطوي عليها المقابلة برأي هؤلاء تتجسد في انها ازالت الغموض عن كثير من الحجب التي رافقت عملية الترشيح المفاجئة لزعيم تيار”المردة” ليكون سيد قصر بعبدا الشاغر منذ نحو558 يوما، وبددت الكثير من الضبابية التي اريد لها ان تكتنف عملية الترشيح وتسربل التجربة لتعطيها بعدا آخر غير دقيق، واستطرادا حدّت من اي مساحة اجتهاد في موضوع الترشيح مبتدأ وخبرا.

وفق هؤلاء فان فرنجيه تصرف خلال المقابلة على اساس الاتي:

– انه مرشح منافس للعماد ميشال عون وليس مرشحا بديلا او احتياطيا وفق مقتضيات التفاهم وشروطه ضمن الحلف السياسي الواحد، بدليل حديثه المتكرر عن مهلة زمنية يعطيها لترشيح العماد عون.

– انه بذا يبدو في مقام مرشح جزء من فريق 14 اذار وليس مرشح فريقه السياسي.

– انه يتصرف على اساس ان ترشيحه مستمر وان فوزه محتوم ومحسوم اذ سلك في كلامه مسلك الموشك على تسلم زمام الرئاسة الاولى، لا بل ان حديثه عن مضامين البيان الوزاري لاول حكومة ستشكل غداة فوزه وتطرقه الى قضايا خلافية وبالغة الحساسية كقضية سلاح المقاومة ودور “حزب الله” في الميدان السوري، بدا وكأنه يلقي خطاب القسم او انه يتحدث مسبقا عن جوهر توجهاته ورؤاه لما بعد تربعه على سدة الرئاسة الاولى.وهذا دليل كان مثار جدل وتأويل وفحواه ان الرجل قطع التزامات واطلق تعهدات وانه مازال ماضيا بها رغم كل ما اعقب الاعلان عن ترشيحه من تداعياته وتأويلات.

وعليه، ومن باب المنطق التحليلي، بدا فرنجيه في حديثه مغلّبا الرغبة الذاتية على البعد الاستراتيجي في موضوع الترشيح.

وعليه ايضا، لم يعد من باب التكهن ان ثمة شرخا تبدّى من خلال كلام فرنجيه قد تكرس في داخل فريق 8 اذار من خلال حديث عن مرشحين وعن مهل تعطى لترشيح الاول.

وبمعنى آخر، ثمة في فريق 8 اذار من كان ينتظر لا بل يراهن على ان فرنجيه سيعطي انطباعات اخرى ويقول كلاما مختلفا بعد اللقاءات التي اجراها عقب عودته من لقائه الباريسي مع الرئيس سعد الحريري، وتحديدا مع رئيس “تكتل التغيير والاصلاح ” والامين العام لـ “حزب الله” السيد حسن نصرالله ،والكلام الجلي الذي سمعه من الاخير ومبررات التمسك بترشيح عون والتساؤلات عن اسباب تسميته من جهة سبق لها ان اخلّت بعهد اعطته لعون، وايضا بعد كلام سمعه اما مباشرة او بشكل غير مباشر من رأس القيادة السورية التي ابلغته من دون اي مواربة ان الاهمية الان بالنسبة اليها تقتضي المحافظة على الخط الذي انضوى تحت لوائه طويلا قبل اي اعتبار آخر مهما بلغ. ولقد صار معلوما ان من شروط هذه المحافظة ومقتضياتها الحيلولة دون الجنوح الى اي خيار من شأنه فرط عقد هذا التحالف لبنانيا ولو كان التمهيد لوصوله الى قصر بعبدا.

لا ريب في ان كلام فرنجيه الاخير هو مفصل بين مرحلة انقضت واخرى جديدة. والسؤال المطروح: الام يفضي هذا التطور، وكيف ستقارب دوائر القرار في “التيار الوطني الحر” و”حزب الله” المرحلة الجديدة ؟

اولا، تتحدث المصادر عينها عن ان المقابلة سواء لجهة توقيتها او لجهة ما ورد فيها، هي من اعداد الجهة عينها التي دفعت من الاصل فرنجيه لتنكّب هذه المهمة رغم ادراكها سلفا انها شاقة ومكلفة وذات تبعات ارتجاجية.

ثانيا، ان الهدف الاساسي من العملية برمتها احياء الامال لدى فرنجيه بعدما قدّر كثر انها منيت بضربة قاصمة وضعتها على شفا الانهيار، وهو ما يندرج تحت عنوان اعادة التعويم، ولكي يقال اولا واخيرا ان زمام المبادرة في الموضوع الرئاسي تسمية وتسويقا وامرارا ما فتىء في يد من اصطفى فرنجيه لهذه المهمة ودفعه فرس رهان في هذا المضمار، وان على جميع المعنيين ان يظلوا في مناخ المرحلة التي اعقبت مباشرة عملية التسمية.

وبناء على كل هذه الصورة ، ماذا لدى “حزب الله” و”التيار الوطني الحر” من خيارات وتوجهات خصوصا بعد ما سيبنى على هذه المقابلة وما انطوت عليه من مباح الكلام ؟

لا تنكر المصادر اياها ان هذين الطرفين كانا يراهنان على كلام آخر لفرنجيه ينم عن تهدئة واستيعاب للتطورات واعلاء لمقتضيات الخط الاستراتيجي الذي تعمّد هو طائعا ومختارا الانضواء تحت لوائه والالتزام بالانخراط به منذ ان اخذ موقعه على خريطة الزعامة السياسية، وتحديدا منذ ان سمي وزيرا للمرة الاولى في عام 1990.

وفي معلومات المصادر اياها انه في صبيحة اليوم التالي للمقابلة عينها كانت الدوائر المعنية لدى الطرفين على تواصل مستمر جاءت حصيلته لتؤكد ما هو مؤكد وثابت منذ نحو عامين ونصف عام، اي قبل سنة من انتهاء ولاية الرئيس ميشال سليمان، وهي ان مرشح الخيار الاستراتيجي هو العماد عون، وانه بعد الساعات الماضية طفا على السطح مجددا ما يؤكد ان هذا الخيار ما زال ساريا اكثر من اي وقت مضى والى اجل غير مسمى.