IMLebanon

الحزب وجبهة «طواحين».. الإنجازات

في خطابه في السادس عشر من شباط الماضي، تحدّث الأمين العام لـ»حزب الله« السيد حسن نصرالله عن «حتمية المعركة على السلسلة الشرقية«، داعياً الدولة اللبنانية الى حسم امرها، قائلاً «عندما يذوب الثلج هناك استحقاق، وعلى الدولة ان تحزم امرها وكيف ستتعامل مع هذا الخطر على التلال والجبال«.

«ذاب الثلج وبان المرج«. طبول الحرب تُقرع على جانبي السلسلة الشرقية، وبات النزال في حكم الحاصل.

المؤشرات الميدانية لا توحي، حتى اللحظة، بأكثر من مناوشات عادية وشبه يومية بين «حزب الله« من جهة، و«جيش الفتح« الذي استنسخ حديثاً في القلمون تجربته الناجحة في ادلب وجسر الشغور. الا ان المعركة الفعلية التي انطلقت، وسبقت معركة الميدان، هي المعركة الاعلامية، والتي تكاد تُخاض تحت عنوان واحد :»الجيش اللبناني«.

ركّز اعلام الممانعة ظهر امس على خبر واحد، أُعطي لكل موقع اخباري وقناة في هذه المنظومة حرية صياغته:»هجوم للمسلحين على جرود بريتال والطفيل داخل الاراضي اللبنانية«. لكن سرعان ما خرجت صفحات الثورة السورية لتنفي على لسان قائد في «جيش الفتح« أخبار «الممانعة«، قائلة:» إن حزب الله الذي فشل، على مدى شهور طويلة، في تغيير الواقع العسكري على ارض القلمون، يسعى الى زج الجيش اللبناني في معاركه اليوم، عبر بثّ اخبار عن اقتحامنا للاراضي اللبنانية«.

يكاد يستنتج قارئ إعلام الممانعة، ان على الجيش اللبناني ان «يحسم أمره«، وبخاصة مع ضخّ اخبار تتحدث عن دخول المسلحين الى الاراضي اللبنانية، وهو ما اعتبرته مصادر امنية مطلعة لـ«المستقبل«، أن «حزب الله الذي ذهب الى سوريا للقتال الى جانب الاسد دون استشارة الدولة اللبنانية، يطالب الدولة اليوم بتحمل مسؤولياتها. هكذا يؤمن حزب الله بالدولة اللبنانية على طريقته وبما يحقق مصالحه«.

وفي هذا السياق، استبق الرئيس سعد الحريري اطلالة نصرالله امس، ليحذّر «حزب الله« من مغبة «توريط لبنان حكومة وجيشا واغلبية شعبية بمعاركه«، مؤكدا أن «لبنان غير معني بالدعوات الى القتال في جبال القلمون، وإن حزب الله منفرداً يتحمل تبعات التورط في الحرب خدمة للاجندة العسكرية لبشار الاسد«.

وبين «حزب الله« الذي يمعن مرة جديدة في زجّ لبنان، بجيشه وشعبه، في حروبه، وبين الرئيس سعد الحريري الذي يرفض ان يكون لبنان منصة لا تخدم الا مشاريع إيران والاسد، تعيش بلدة عرسال وقرى البقاع الشمالي هواجس تكرار التجارب السابقة، حيث أعربت مصادر عرسالية عن خشيتها من دخول مسلحي «داعش« مرة اخرى الى البلدة، تنفيذا لمشاريع مشبوهة فشلت في المرات الماضية من النيل منها باعتبارها خاصرة النظام السوري و«حزب الله« الرخوة.

لكن لماذا اصرار حزب الله على خوض معركة القلمون واعطائها بعداً استراتيجياً في الوقت الذي يشهد هو وحليفه نظام الاسد اخفاقات كبيرة على مستوى القطر السوري؟!

يبدو أن هذه المعركة، إن حصلت، كما يروّج لها «حزب الله« ومنظومته الاعلامية، قد فقدت بريقها ووهجها من الناحية العسكرية. فما حصل خلال الاسابيع الماضية، أفقد النظام السوري مواقع اكثر اهمية كإدلب وجسر الشغور وسهل الغاب ومساحات من حماة ومناطق في الجنوب، وصولا الى تهديد مناطق النظام في عقر داره «الشعبي« في الساحل و«السياسي« في دمشق. لا شك ان اهداف «حزب الله« في القلمون قد اختلفت عما كانت عليه يوم اعلن نصرالله عن هذا الاستحقاق في شباط الماضي. يومها كان يعتبر ان تحرير القلمون يأتي في سياق اعادة السيطرة على كل الاراضي السورية وقمع الثورة بالقوة. اما اليوم، وقد اصبح هذا الهدف في خبر كان مع تقدم المعارضة على كافة الجبهات، فإن «حزب الله« يسعى الى تحقيق إنجازين: يتجلّى الاول في تحقيق بعض «الانتصارات الموضعية« إن حصلت، لشد حماسة جمهوره التي بدأت تخبو في الفترة الاخيرة. والثاني، عسكري، للدفاع عن طريق دمشق طرطوس، لتأمين انسحاب النظام من دمشق باتجاه الساحل، في حال اندلاع «عاصفة حزم« دمشق التي يُحكى عنها. 

وبانتظار ما ستؤول اليه الامور في القلمون، فإن خطة «حزب الله« في توريط الجيش اللبناني في معاركه، باتت امراً مكشوفاً. وهذا ما تؤكده بعض المصادر العسكرية، التي أوضحت لـ«المستقبل« ان «مهمة الجيش تكمن في حماية الحدود من اي اعتداءات خارجية، وليس الدخول في حروب لا ناقة له فيها ولا جمل«.