ليس في مصلحة الرئيس سعد الحريري (وأكيداً، ليس في رغبته) أن تكون حكومته فاشلة. لذلك تبدو ثمة مسحة من التفاؤل على محاولات ربع الساعة الأخير للتوصل الى حل، أي إلى وضع مشروع لقانون الإنتخاب، فتحيله الى مجلس النواب سواء في ما تبقى من الدورة النيابية التي تنتهي في أواخر شهر أيار الجاري، أم في الدورة الإستثنائية التي سيصدر رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة مرسومها ويمتد عقدها حتى العشرين من شهر حزيران المقبل، موعد إنتهاء الولاية الثانية الممددة لمجلس النواب… وقد باتت الدورة الإستثنائية شبه حتمية، إذا لم يتوصلوا الى قانون الإنتخاب في ما تبقى من أيام الدورة العادية… على ما تشي بذلك الإتصالات والمساعي والإتجاهات.
لذلك لا نرى أن الرئيس الحريري تحدث عبثاً عندما ربط فشل حكومته بعدم إقرار قانون الإنتخاب.
والواضح أنّ النسبية الكاملة باتت هي ما قرّ عليه الرأي بعدما تبدّلت المواقف جذرياً وبنسبة 180 درجة. فالذين كانوا ضدّها أصبحوا يقولون بها وفي طليعتهم تيار المستقبل…
وبقدر ما يحمل تحذير الحريري من «الفشل» في إقرار قانون الإنتخاب من تفاؤل ضمني بإقراره، بقدر ما يبدو رئيس الجمهورية العماد ميشال عون متفائلاً ومطمئناً وجازماً بأن الإنتخابات ستُجرى ولن يكون هناك فراغ نيابي… والأهم أنّ هناك قانوناً جديداً سيبصر النور.
وفي هذه النقطة بالذات تواترت معلومات تؤكد على أنّ لدى كل من رئيسي الجمهورية والحكومة نقطاً مشتركة في المشروع العتيد يبدو أنها ستكون مدار تلاق بينهما، ومن ثم في مجلس الوزراء على القانون الجديد… علماً أنّ اللقاء الذي عُقد، أمس، في القصر الرئاسي، في بعبدا، بين الرجلين قد حفل بالمزيد من نقط التفاهم، وبدعم من عون للحريري كي يمضي في طرح مشروعه، سواء أكان مشروعاً متكاملاً أم الأفكار الأساس التي تشكل العمود الفقري للمشروع، على أن يتبلور في طالع الأيام بصيغته النهائية.
وليس جديداً القول إنّ حجر العثرة الأكبر أمام التفاهم على قانون الإنتخاب هو نقط الخلاف الجديدة بين الرئيس نبيه بري ورئيس تكتل التغيير والإصلاح وزير الخارجية جبران باسيل اللذين فشلت الوساطات كلها في إزالة العقبات من طريق توافقهما على مشروع محدّد.
وليس سراً أنّ حزب اللّه قلبه مع بري وعينه على التحالف مع التيار الوطني الحر، وهو بالتالي حريص على ألاّ يصل الى قطيعة مع التيار لاعتبارات عديدة بعضها يدخل في الاستراتيجيا، وبعضها الآخر ذو صلة بالتطورات الداهمة في سوريا التي تقتضي وضعاً داخلياً مستقراً في لبنان يحمي ظهر الحزب الذي يواجه في الإقليم وفي السياسة الأميركية الجديدة مع دونالد ترامب، إمتحانات عسيرة تأمل قيادة الحزب أن تخرج منها بأقل قدر من الخسائر.
عشية المواعيد التي كانت مضروبة، في الأسابيع الماضية، للحل أو للمجهول كتبنا هنا، غير مرّة، متفائلين، واليوم مازلنا على هذا التفاؤل باستقرار الوضع الأمني وبالتواصل الى الحل لسببين بارزين: الأول ان سقوط الإستقرار ليس في مصلحة أحد، والثاني لأن أصحاب الحل والربط في القرار الدولي وتداعياته على لبنان مازالوا مصرّين على أن يدوم هذا الإستقرار اللبناني. وهو لن يدوم من دون حل لأزمة قانون الإنتخاب… لذلك نستنتج أن القانون الجديد آت، ولو بصعوبة.