IMLebanon

رؤساء الاحزاب لم يجمعهم الا «الغريب»…«هرولوا» للقاء ماكرون وتناحروا عند المغادرة !

 

 

لا تزال أصداء زيارة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الى لبنان تفعل فعلها ايجابياً وسلبياً، بالنسبة الى الفريقين المنقسمين في لبنان كالعادة، خصوصاً اللقاء الذي عقده ماكرون في قصر الصنوبر مع رؤساء الاحزاب والكتل النيابية، الذي اظهر مدى هشاشة علاقاتهم مع بعضهم، والتي لا تجمعها سوى المصالح الخاصة، فمنذ اللحظة الاولى التي كان فيها الرئيس الفرنسي مع المسؤولين اللبنانيين، افهمهم انه مع الشعب وليس معهم، لانه آت لمدّ يد العون للبنانيين المنكوبين، الذين يعانون الويلات والمصاعب منذ عقود من الزمن بفضل فساد اكثرية مسؤوليهم.

 

ماكرون الذي بدا خلال لقاء قصر الصنوبر كالمعلّم، الذي يوزّع النصائح على التلاميذ، دعا رؤساء الاحزاب اللبنانية الذين هرولوا للقائه كما يفعلون عادة مع أي غريب، إن كان عربياً او غربياً، فيما لا يلتقون على أي لقاء او حوار وطني في بلدهم المحتاج اليوم، واكثر من أي وقت مضى لوعيهم وتحمّلهم للمسؤولية ، اذ لم نرهم يسارعون للاجتماع من اجل كارثة مرفأ بيروت، وما خلفته من ضحايا وجرحى ومفقودين وخراب وتدمير بمليارات الدولارات، كما لم نر احداً منهم يتفقد المناطق المنكوبة، او يشارك في جنازة شهيد او يزور احد الجرحى، فيما يقومون بالمعجزات خلال ايام قليلة من موعد إجراء الانتخابات النيابية.

 

الى ذلك ووفق مستشار احد الحاضرين في لقاء قصر الصنوبر، فإن ماكرون طلب من المجتمعين ان ينأوا بلبنان عن صراعات المنطقة، وان يهتموا اولاً بوطنهم وبكيفية معالجة كل الملفات العالقة، مع التركيز اولاً على مكافحة الفساد وتحقيق الاصلاح، واعداً اياهم بأنه سيكون صلة الوصل مع الاميركيين والاوروبيين، لفصل كل ما له علاقة بالاقتصاد عن السياسة، وبالعمل على الحدّ من الضغط الاميركي المفروض على لبنان، لكن شرط الالتزام بسياسة النأي بالنفس عما يحصل اقليمياً. كما اطلق افكاراً حول تحييد لبنان وعن إمكان تطوير النظام السياسي.

 

واشار المصدر الى ان الحاضرين تحدثوا بمعظمهم عن سعيهم لتنفيذ الاصلاحات، والرئيس الفرنسي قال لهم: «لم نلمس أي شيء من هذا»، لانه يعلم اكثر منهم حقيقة ما يجري، وهو مطلع على الملف اللبناني اكثر من معظم المسؤولين اللبنانيين، مذكّراً اياهم بأن الاصلاحات يجب ان تكون واقعاً وليس شعارات، وشدّد على ضرورة الحوار في ما يبنهم لإنقاذ لبنان خصوصاً حول القضايا الاستراتيجية.

 

وعلى خط آخر، رأى مصدر سياسي معارض، أن ماكرون لا يثق ابداً بالطبقة الحاكمة وبرؤساء الاحزاب، لكنه اعطاهم بعض الوقت أي لحين عودته الى لبنان في ايلول المقبل، للمشاركة باحتفال مئوية لبنان الكبير، ليبرهنوا مدى صدقيتهم لانه ينتظر من كل مَن التقاهم إجابات واضحة، حول ما طرحه أمامهم من افكار للحلول، معتبراً أن ماكرون كشف المستور في العلن، وأطلق «لطشاته» حول تنافس رؤساء الاحزاب على المحاصصة في كل التشكيلات والقطاعات، وما قاله لهم احرجهم جداً، اذ دعاهم الى تجاوز كل خلافاتهم في هذه الظروف الدقيقة والحساسة جداً، والى الاتفاق على تنفيذ مشاريع تهم المواطن اللبناني لكي يكسبوا ثقته.

 

ولفت المصدر المذكور الى انّ بعض رؤساء الاحزاب خرجوا من الاجتماع فرحين مبتسمين، وكأنهم حققوا انتصاراً على غيرهم، وهذا ما برز في اجوبة البعض لدى ردهم على اسئلة الصحافيين، فيما الحقيقة ان معظمهم خرجوا منهزمين مراهقين في السياسة، ويحتاجون الى من يوجّههم لقراءة حقيقة الواقع اللبناني، مشيراً الى انّ تصاريحهم لحظة المغادرة اظهرت عمق الخلافات، التي لا يمكن ان تتحوّل حتى الى اختلاف في الرأي، بل الى انقسامات وتناحرات لا تنتهي، وغير قابلة لأي حوار لا يشمل المنفعة الخاصة بهم فقط، كما جرت العادة في لبنان.

 

وختم المصدر، بأن لا مفرّ من بقاء هذه المشهدية العدائية في لبنان، طالما يبقى هدف السياسة اللبنانية، حصول زعمائها على غاياتهم وليس على مصالح الوطن.