Site icon IMLebanon

“حزب الله” الأميركي يطوّع لبنان

لم يعد خافياً على أحد من المسؤولين أن “حزب الله” بدأ يعد لخطة العودة من الحرب السورية التي دخلت مساراً جديداً بعد الاتفاق النووي بين إيران والغرب. كما لم يعد مهما بالنسبة للحزب ما إذا كانت معارك الزبداني مثلا كانت باهظة التكلفة مما جعل ضحايا الحزب في سوريا يتجاوز حتى الآن الألفيّ قتيل بقدر ما يهمّه، بتوجيه من المرشد الإيراني، حجز موقع ثابت في السيطرة على لبنان تمتد لسنوات مقبلة.

كان هناك اعتقاد أن أسبوع النفايات الاسود الذي شهده لبنان منذ السبت الماضي مجرد قضية تحرّك للمجتمع المدني الذي ضاق ذرعا بفشل المعالجة الرسمية لهذا الملف الصحي والبيئي، لكن تداعيات هذا التحرّك أمنيا فتحت الأعين على أبعاد أخرى أبرزها تحضير الارضية لتغيير على مستوى السلطة يبدأ بانتخاب رئيس جديد للجمهورية وفق معايير تشبه تلك التي كانت تستخدم إبان السيطرة السورية على مقاليد الامور في لبنان بعد اتفاق الطائف عام 1989 ولغاية عام 2005 سنة اغتيال الرئيس رفيق الحريري.

يقول أحد المسؤولين إنه عند احتدام الموقف في الايام الماضية نتيجة اختلاط تحرّك المجتمع المدني بتصعيد العماد ميشال عون حكوميا ورئاسيا ظهر الموقف الاميركي في الاتصالات اللبنانية وكأنه خائف من تكرار تجربة 7 أيار عام 2008 وسيطرة الحزب على مركز القرار في بيروت تحضيرا لانتخاب رئيس جديد للجمهورية وفق صيغة لا تنتظر معها مؤتمرا في دوحة قطر أو أي بلد آخر في المنطقة. لذلك سارع السفير الاميركي ديفيد هيل الى استباق ضغط “حزب الله” تارة من خلال دعوة الحكومة الى التراخي أمنيا وطورا من خلال التجاوب مع مطلب الحزب في حجز مكان للعميد شامل روكز في قيادة الجيش من خلال ترقيته مع عدد من العمداء الى رتبة لواء.

وفي سياق تهيئة الارضية لـ”حزب الله” تجاوب الرئيس نبيه بري سريعا مع طلب الحزب فأقنع الرئيس تمام سلام بتجميد إصدار مراسيم الحكومة التي صدرت من دون توقيع وزراء الحزب و”التيار الوطني الحر” تماما كما فعل الرئيس بري في أعوام الوصاية السورية فتراجع عن قانون قضائي متخطيا مبدأ “المجلس سيد نفسه”. وفي موازاة ذلك كان لافتا أن يعلن وزير الداخلية نهاد المشنوق أن قيادة الجيش ابتعدت عن تلبية طلب حفظ النظام في بيروت خصوصا في التظاهرة المقررة اليوم.

ركوب موجة النفايات لأهداف سياسية لن يستمر طويلا. وربما يمضي “حزب الله” الى تكرار تجربة 8 آذار 2005 أو 7 أيار 2008 لكن في كلتا الحالتين لن يجد أن هناك من ييسّر له “انتصاراً إلهياً” جديداً. وإذا كانت الحكومة قد بلغت آخر المطاف كما ظهر في القرارات الاساسية التي اتخذتها أخيراً ، فإن استقالتها لم تعد أمراً مستبعداً. وما بقي هو 6 أشهر صعبة على وشك أن يواجهها لبنان.