لمَ اللبنانيون في حاجة الى ادلة للاقتناع بأن مرحلة اقليمية ودولية جديدة قد فتحت بوجه دور “حزب الله” ووجوده؟ فتصنيف الحزب المذكور ضمن لائحة المنظمات الارهابية التي كانت مقتصرة على بعض الدول الغربية صار “تقليدا” عربيا في القمم العربية، ولا سيما بعدما حزمت دول مجلس التعاون الخليجي أمرها وقررت المواجهة المباشرة مع ايران وأدواتها في المنطقة، و”حزب الله” أولى الادوات، ولا سيما أن وظيفته تخطت الاطار اللبناني – الاسرائيلي على الحدود (بذريعة تحرير مزارع شبعا) لتمتد بالدم والنار الى سوريا والعراق واليمن، فضلا عن تكثيف نشاطه الامني في دول الخليج مستعينا بالوجود اللبناني. وقد تورط بعض اللبنانيين في الخليج في أعمال أمنية ذات طبيعة إرهابية لا جدال فيها. ومن الاطار العربي انتقل تصنيف “حزب الله” منظمة إرهابية الى الاطار الاسلامي الاوسع، كما حصل في قمة دول منظمة التعاون الاسلامي الاخيرة في اسطنبول حيث لم يجد الرئيس الايراني حسن روحاني أمامه سوى أن ينسحب وحيدا من جلسة تلاوة البيان الختامي الذي دان تدخل بلاده في دول الجوار، مصنفا “حزب الله” منظمة إرهابية أسوة بتنظيم “داعش”! بالامس جاء الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند الذي لم تقطع بلاده الاتصال بالحزب في لبنان عبر السفير ايمانويل بون وغيره من الديبلوماسيين، واجتمع الى ممثلين لجميع القوى السياسية الرئيسية، فضلا عن ممثلي المجتمع المدني، ولم يجتمع بممثلي الحزب المعتبر الاقوى في لبنان! أما واشنطن فقد نشرت المراسيم التطبيقية لقانون ملاحقة “حزب الله” وتجفيف مصادر تمويله باعتباره حزبا “إرهابيا”، متضمنة لائحة أولية من تسعة وتسعين اسما معنويا وفرديا، على رأسهم الامين العام للحزب السيد حسن نصرالله، والمسؤول الاعلى شأنا والمتهم الرئيسي باغتيال الرئيس رفيق الحريري ورفاقه، مصطفى بدر الدين، مع ما يعني ذلك من حتمية خضوع النظام المصرفي اللبناني لنظام العقوبات الاميركي. ومعلوم أن نواب “حزب الله” يقبضون رواتبهم من المجلس النيابي نقدا وليس عبر حوالات مصرفية أسوة بزملائهم، حسبما أفادنا مصرفيون!
أمر آخر ينبغي أن يكون مصدر قلق حقيقي على المدى الأبعد، هو تسريب معلومات مخابراتية الطابع عبر صحيفة “روز اليوسف” المصرية، تفيد بأن المحكمة الخاصة بلبنان الناظرة في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري المصنفة إرهابية في مجلس الامن، تقترب من مرحلة استدعاء الامين العام لـ”حزب الله” باعتباره مسؤولا عن أعمال مصطفى بدر الدين الذي لا يعقل أن يكون اتخذ القرار ونفذ الجريمة مستعينا بعدد كبير من عناصر الحزب الامنيين في بيروت، من دون أن يكون ذلك تنفيذا لقرار قيادي كبير! ولا ننسى حجب قناة “المنار” عن أقمار غربية، والآن عن شبكة “نايل سات” المصرية!
كل ما تقدم يفيد عند رسم اللوحة الأكبر، أن “حزب الله” دخل مرحلة حصار مديد على جميع المستويات، فيما لم يعد خافيا أنه خسر أكثر من الف وخمسمئة من عناصره في سوريا حتى الآن، وأي حرب يفتعلها مع اسرائيل اليوم سيخوضها محاصرا ووحيدا!
فلننتظر عند ضفة النهر…