Site icon IMLebanon

“حزب الله” والرهان على أبعد من الرئاسة مجدّداً رئيس الكتائب يخشى ضيق هامش المناورات

لا يشكل الانشغال بالانتخابات البلدية التي باتت تحتل حيزا مهما في الواقع السياسي الراهن ولو انها تنتشل البلد نسبيا مما يغرق فيه بديلا ولو جزئيا عن انتخابات رئاسية باتت تتسع دائرة اليأس من احتمال حصولها في المدى المنظور على رغم التحركات الاخيرة التي حاولت ان تحرك مياهها الراكدة بما فيها التي اندرجت تحت عنوان المصالحة المسيحية التي على رغم اهميتها كمصالحة، يخشى انها تكون ساهمت في تقوية عامل التعطيل لدى النائب ميشال عون واعطت “حزب الله” زخما في مساره التعطيلي. الكرة وفق ما يتفق جميع السياسيين باتت في ملعب الحزب مع وجود مرشحين من 8 آذار يرفض ان يسمح باختيار احدهما للرئاسة. ويترسخ اقتناع اكثر فأكثر انه لا يناسب الحزب وجود رئيس للجمهورية ايا يكن لانه سيقف عقبة امام طموحات الحزب في تغيير تركيبة البلد. هذا الاقتناع سرى على نحو واسع ولم تنفع تأكيدات الامين العام للحزب بعدم السعي اليه. ولدى رئيس حزب الكتائب سامي الجميل الذي يحظى برد فعل ايجابي لمقارباته خصوصا على طاولة الحوار اقتناع يكاد يكون مماثلا لما يعتقده كثر على هذا الصعيد. فهو يعتقد ان النقطة الاساسية هي ان الافرقاء اللبنانيين ينظرون الى “حزب الله” او يرونه من منظار داخلي وعلى انه حزب لبناني في حين ان لبنان صار تفصيلا لدى الحزب وله حساباته ومقاربته المختلفة عن سائر الافرقاء. فالامر اشبه بلعب كل الزعماء على الملعب نفسه في حين يلعب هو على ملعب مختلف. لذلك لم يسر الحزب باي من المرشحين المفضلين لديه لان لديه حسابات مختلفة وليس لمجرد التمسك بمرشح معين ملتزم معه. وما يلائم الحزب وفق ما يرى الجميل انه قادر على ان يذهب الى مؤتمر تاسيسي من دون معارضة كبيرة اذا سقطت الحكومة وتم تعطيل الانتخابات البلدية وعدم امكان حصول انتخابات نيابية ولا رئاسية. فيكون البديل مؤتمرا تأسيسيا استنادا الى طاولة حوار يكون حولها الاقطاب الاساسيون يناقشون النظام او التركيبة السياسية بدلا من الرئاسة.

يخشى سامي الجميل ان يكون “حزب الله” يتطلع ابعد من الرئاسة. اذ ان هذه الاخيرة يمكن ان تشكل حاجزا امامه ايا يكن من يصل اليها فيما هو ينتظر نتائج الحرب السورية. فاذا كانت سوريا تتجه الى تسوية بنيوية على غرار اعادة النظر بالحدود او بالنظام السياسي فان استراتيجية الحزب في لبنان ستتقرر وفقا لما ستتجه اليه الامور في سوريا. فيمكن ان يناسبه ربما ان يقسم لبنان او ان يطالب بمؤتمر تأسيسي او بفدرالية في حين ان الحزب لا يعرف بعد ما الذي يناسبه اكثر لان هذا الامر مرتبط بما يحصل هناك وبمدى النفوذ السوري في تركيبة سوريا الجديدة. وهذا كله يدفع الحزب الى عدم الرغبة في اعادة الامور الى نصابها لانه اذا انتخب رئيس للجمهورية فان اي اعادة نظر بالتركيبة اللبنانية ستغدو اصعب في حين انه في ظل هذا الوضع الحالي فان اي تسوية تصبح اكثر سهولة مما اذا كان هناك رئيس للجمهورية او حكومة منتجة ومجلس نيابي فاعل حيث تفرض الآليات الدستورية نفسها. الحزب ليس في حاجة راهنا لان يقوم باي من هذه الامور ما دام هناك شغور في موقع الرئاسة الاولى والحكومة مشلولة ومجلس النواب مقفل مما يسهل اكثر طرح اعادة النظر في التركيبة اللبنانية او ربما الضغط في اتجاه مؤتمر تأسيسي قد يغدو مطلبا ملحا بالنسبة الى اللبنانيين الذين انهكتهم الحال التي وصلت اليها البلد.

هذا الاقتناع يتعمق بان الحزب يهمه ان يترك الآلية الدستورية معطلة حتى يستطيع ان ياخذ البلد اينما يريد بعد مدة معينة لانه متى عادت وركبت الامور قد يحتاج الى حرب اهلية من اجل ان يتعاطى معها من منطلق واقع رفضه لمرشحين محسوبين على صفه ومهمين جدا بالنسبة الى الضمانات التي يقول انه يحتاجها ما يعني على الاقل ان لديه ما هو اهم من هذين المرشحين. وهذا الاهم اي ان يبقى لبنان على حاله الراهنة وهو اكثر اهمية للحزب من ان يأتي بمرشحيه على رغم ان لبنان وصل الى وضع في علاقاته العربية لم يعرفه من قبل واقتصاده على وشك مواجهة تحديات خطيرة جدا.

وتبعا لذلك لا يبدو ان ثمة مخارج ممكنة للتأزم الحالي بل ربما مناورات لا تقدم ولا تؤخر على هذا الصعيد كما لو ان البلد يسير على توقيت الحزب او ساعته ليس الا.

كل الاهتمام يتجه راهنا الى الانتخابات البلدية التي يرسم لها النائب الجميل صورة متكاملة لا تبدو انها ستخضع لمفاعيل المصالحة بين القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر بمعنى امكان ان يشكلا معا “تسونامي” يحصدان من خلاله مجموع البلديات الرئيسية المهمة بما في ذلك في المتن الشمالي حيث يقوم تفاهم بين الكتائب والنائب ميشال المر. في حين ان الالتقاء اسهل بينه وبين الحزبين المسيحيين المؤثرين في موضوع قانون الانتخاب باعتبار هذا القانون يخرق وحده تمسك حزب الكتائب بعدم شرعية اي جلسة تشريعية في ظل استمرار عدم انتخاب رئيس جديد للجمهورية ولان الجميل يخشى ان يكون تشريع الضرورة عنوانا يبيح المحظورات ولا يتوقف عند حد في حين ان الاستثناء في القانون الانتخابي يعود لاهميته في تكوين السلطة والنقطة المفصلية التي يشكلها.