كل المحاولات التي قام بها إعلام “حزب الله” في الايام الماضية لتغيير صورة حصار مضايا السورية وأهلها الجياع لم تنجح.والسبب أن صور الاطفال في المدينة المنكوبة كانت أبلغ في التعبير عما حلّ بها بعد حصار مستمر منذ 7 أشهر على يد قوات النظام السوري و”حزب الله” كما اوردت بي بي سي. وينقل مراسلها عن أحد سكان مضايا واسمه عبد الوهاب احمد قوله: “الناس بدأوا يأكلون التراب لأنهم لا يجدون ما يأكلون، فقد ماتت الاعشاب وأوراق الشجر بسبب الثلوج”.وهكذا اكتسب “حزب الله” الذي يفاخر أمينه العام بأنه جندي في جيش ولي الفقيه الايراني سمعة جديدة هي مجوّع أطفال سوريا بعد سمعة دعم الديكتاتور بشار الاسد.
كي لا يُحصر الظلم بهذا الحزب وحده والذي رعى مؤسس الجمهورية الاسلامية الامام الخميني قيامه منذ العام 1983 لا بد من جردة حساب بما الحقته طهران بالشيعة العرب عموما وبشيعة لبنان خصوصا من أذى سيلطّخهم لزمن طويل. فهي نجحت في إبراز صورة “الشيعي الظالم” بدلا من صورة “الشيعي المظلوم”. وهذه الصورة قد بلغت الآن ذروتها في سوريا.
حاول الامام موسى الصدر طويلا أن يبرز في لبنان صورة الشيعي المظلوم وذلك من خلال تأسيس “حركة المحرومين”، فناضل طويلا من أجل إنصاف أبناء طائفته بدءا بشتلة التبغ في الجنوب مرورا بالتنمية في البقاع وصولا الى المناصب الرسمية في بيروت. لكنه اكتشف أخيرا ان قضية إزالة الحرمان لن تنجح ما لم تحسم قضية فك ارتباط جنوب لبنان بلعبة الامم بعدما تحوّل منذ السبعينيات المسرح الوحيد للصراع العربي – الاسرائيلي، ملحقا بسكانه أفدح الاضرار. فسعى، كما يقول معاصروه، الى تحييده من خلال بسط سلطة الدولة بدلا من سلطة المقاومة الفلسطينية. فلجأ أولا الى الرياض فوجد دعما لدى الملك فهد بن عبد العزيز. ثم انتقل الى دمشق فتلقى “نصيحة” من الرئيس حافظ الاسد أن يزور ليبيا حيث كانت مأساة اختفائه نهاية آب 1978.
لم يمض عام حتى بدأ الواقع الشيعي في لبنان يدخل في حظيرة النظام الايراني الجديد الذي استولى على السلطة عام 1979. وبعد إخفائه الجسدي في ليبيا تولى نظام الخميني إخفاءه معنويا. وأبرز شهادة على ذلك، تلك التي دوّنها الوزير فؤاد بطرس الذي غادرنا قبل أيام. فكتب في مذكراته يقول: “تابعت قضية اختفاء الامام موسى الصدر من خلال مؤتمر وزراء خارجية الدول الاسلامية في الرباط (10-13 أيار 1979)… ما أثار استغرابي المعلومات الواردة في برقية السفير عادل إسماعيل الذي نقل عن وزير الخارجية الليبي التريكي قوله: إن الرئيس جلّود بقيّ في إيران حوالى الاسبوعيّن… ولمس لدى الخميني عدم إهتمام بهذه القضية، ولم يحدثه عنها إلا بصورة عابرة”. ولاحقا وصف مسؤول كبير في “حزب الله” الامام الصدر بأنه “عميل السافاك” الجهاز الامني لشاه إيران.