الكلام كبير. ليس لأنه يرمز الى حزب سياسي جديد. بل لأن مطلقته رولا مراد جعلته على مساحة الوطن.
والحزب وُلد من صراعات الآخرين.
والحياة إما موقف أو لا موقف.
والأحزاب في لبنان، إما تدور في فلك أشخاص، أو تلعب بمشاعر المواطن.
ولا تسري فيها القضايا الحساسة.
قبل أكثر من نصف قرن، كان رواد الاصلاح السياسي، يعتقدون أن لا ملاذ لصلاح الأوطان الا بقيام أحزاب تصنع البلد كلياً لا جزئياً، انطلاقاً من المواطن، ووصولاً الى قمة الطموحات.
إلا أن حزب ١٠٤٥٢ تأسس بمشاركة سيدات ورجال، من أجل بناء دولة مدنية، قوية، ووطن يكون فيه المواطن هو الرابح الأول والوحيد.
ليس يدري بألم المواطن، إلا مَن يكابده.
ولا أحزاب تنشأ الآن، الا تلبية لحاجات الفاسدين حيناً، أو رواد الاصلاح أحياناً.
أما الأبعاد الناجمة عن هذا التحرك، فهو الفوز بإغراءات في السياسة، أو في تحصيل فوائد شخصية، لا عامة، على مستوى البلد.
كان الأستاذ الكبير اميل خوري، يكتب في حقبة الخمسينات، في الأهرام القاهرية، عن لبنان الرازح تحت أعباء الفساد.
إلا أن رياض الصلح دعاه الى لبنان، لأنه يضم رجالاً كباراً يخوضون معركة حادة لتطهير الفساد، وتحرير الوطن من الفاسدين على أبواب الاستقلال.
وعاد اميل خوري الى معركته.
إلا أنه لم يكن عنده حزب.
ولا معركة على مستوى الوطن، من دون أحزاب.
إلا أن مجموعة حزب ١٠٤٥٢، حصلت على حزب سياسي، لجعل المواطن يحمل مذود الأمل في دولة المواطن.
هل تكون الفكرة مجرد شعار، في وطن لا يعيش الا بالشعارات، أم حركة اصلاحية على يد سيدات ورجال في بلد يبحث عن وطن، ذي دولة قوامها المواطن.
رولا مراد رائدة الفكرة الجديدة، دعت الى إبعاد السياسة عن المراكز الأمنية، والى الغاء مبدأ الطائفية في التعيينات.
وحثت على حصرها بالكفاية فقط . وطالبت أيضاً بقانون انتخابي تكون فيه المرأة شريكة.
كثيرون لا يحبون دعوات تصدر عن سيدات، خوفاً عليها من انهيارات في الأحلام، وتداعيات في الرؤى.
إلا أن سريان الهبوط في معظم الفئات، بات يستدعي انتفاضة مشتركة، على غرار ما فعلته رولا مراد، وهي عنصر غير مشهور في دنيا الاعلام.
كان أستاذنا العالم الشيخ أنور بَكْري، في العام ١٩٦٠، يدعو في ثانوية الحدادين، الى عالم جديد، يواكب جمال عبد الناصر، في تطلعاته مع الضباط الأحرار، لأن الحزبية باتت مشوّهة، لكنه كاد أن يدعو الى التصحيح المشترك بين الذهنية الجديدة والقديمة، لأن الأوطان لا تقوم على موقف واحد.
في العام ١٩٨٥، وقف جورج كريمسكي في معهد الصحافيين الأجانب، في رستن – فرجينيا يقول لخمسين دارساً للصحافة، إن لبنان هو رمز العالم الثالث للعقل الجديد.
وعقب على كلامه محاضر يدعى روفايل كليبس، بأنه كان في لبنان مع جورج كريمسكي، لكنه خائف على البلد العائد منه، من تداعيات أحزاب مريضة، وسياسيين مرضى بالطاعون.
هل ثمة خوف على دعوة رولا مراد الى حزب ينمو من دون أن تغتاله العصبية الحزبية؟ .