استرسل الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم في خطاب «النصر» الالهي المؤخر ضد إسرائيل، باختراع عبارات فلكية، لاقناع الرأي العام، بأن الحزب لم يبادر بالحرب بعد عملية طوفان الأقصى، وكل ما قام به لم يتعدَ عملية إسناد لغزة بمواجهة الاعتداءات الإسرائيلية، وأن إسرائيل هي التي شنّتْ الحرب على الحزب ، ومنيت بخسارة موجعة، والدليل بقاء الحزب على قيد الحياة، مقللا من اغتيال قادة الحزب البارزين وكوادره الامنية، ومستخفا بنتائج الحرب وتداعياتها وخرابها على اللبنانيين، ومستشهدا بأحد السياسيين الإسرائيليين ليبرمان، لدعم صحة كلامه، بينما يعتبر تبريرات رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو لوقف الحرب، بأنها ابلغ دليل على خسارة إسرائيل للحرب.
لم يكتف قاسم بخطاب» النصر» بهذا القدر، ليستخف بعقول اللبنانيين الى هذا الحد ، بل حاول التقليل من أهمية اتفاق وقف النار ، الذي وافق عليه الحزب، ومفاعيله والتزامات الدول الموقعة عليه ، ليصفه بانه مجرد ترتيبات امنية وليس معاهدة، متجاهلا مفاعيل هذا الاتفاق التي استدرجت شروطا وفرض التزامات،بما يشبه الوصاية الدولية على لبنان، ابعدت بموجبه الحزب عن المنطقة الحدودية، الى ماوراء نهر الليطاني، ولم يأت على ذكر كل مايتعلق بضوابط وجود سلاح الحزب، وما تسببت فيه عملية الاسناد، باحتلال إسرائيل، لقسم من جنوب لبنان، وماتزال قوات الاحتلال الإسرائيلي متمركزة فيه، وتقوم بشتى الممارسات والارتكابات ضد المواطنين اللبنانيين هناك، ولا بباقي التفاصيل التي، تفرض واقعا جديدا بالمنطقة الحدودية.
البارز في خطاب قاسم للنصر ، بعد كل ما الحقه الحزب بلبنان واللبنانيين من خسائر مدمرة، في كل نواحي الحياة، جراء انخراطه بعملية الاسناد من جانب واحد،طرح خطة تعاطي الحزب السياسي بالمرحلة المقبلة، بدءا بعملية اعادة الاعمار بالتعاون مع الدولة، والتأكيد على انتظام عمل المؤسسات، وانتخاب رئيس للجمهورية في الموعد المحدد ، والحوار والتعاون والمشاركة مع جميع القوى السياسية المؤمنة بلبنان الواحد تحت سقف الطائف، والتأكيد على التعاون مع الجيش اللبناني وتسهيل مهمته في الحفاظ على الأمن والسيادة.
ويلاحظ ان هذه العناوين العريضة في خطة الحزب، والتي تجاهل فيها مصير سلاح حزب عمدا، مغايرة لطروحات وتعاطي الحزب السياسي، لاسيما بالمرحلة التي سبقت عملية إسناد غزّة وخلالها، واسقطت من مضمونها كل مفردات الاستعلاء والتحدي ضد معارضي الحزب السياسيين ، واستبعدت منها الشروط والمطالب المسبقة لاجراء الانتخابات الرئاسية، وفرض مرشح رئاسي معين، والتأكيد للمرة الثانية على التزام الطائف والمشاركة مع الجميع في بناء الدولة.
ويمكن القول لو ان هذه العناوين، طرحت قبل عملية إسناد غزّة، وهي عناوين اذا تم الالتزام بها بالفعل وليس للمساكنة وامتصاص تداعيات الحرب ، لكن بالامكان تجنب الانخراط بالحرب، وتجنب مخاطرها واثارها التدميرية، ووضع لبنان على سكة النهوض والتعافي.