IMLebanon

كلمة السر.. ولو بعد حين!

 

فتَـحَ تنظيم «داعش» جبهة جديدة ومستقلة مع دول الغرب، ونقلت أرض المواجهة من سوريا إلى مصر وفرنسا ولبنان، مع أرجحية امتداد هذه الرقعة الجغرافية، حيث زرعت خلاياها النائمة وتركتها على جهوزية عالية للتدخل وضرب المواطنين الآمنين ضمن استراتيجية إرهابية واضحة في تحديد الأهداف والأماكن، محاولة تخفيف وطأة القصف الغربي على مناطق تواجدها في الرقة وتحويل أنظار دول المواجهة نحو أمنها الداخلي. وقد اختلفت ردود الفعل من بلد إلى آخر، إلا أن ما وحّد المصالح بين روسيا وفرنسا، المختلفتين على مقاربة الحل للأزمة السورية أصلاً، هو التصميم على ضرب الإرهاب المتمثل اليوم بداعش أينما كان وبأي ثمن كان.

أما في لبنان، فقد جمع انفجار برج البراجنة مَن فرّقتهم المصالح السياسية، وأعاد إلى الواجهة الخطر الأمني المحدق بالبلاد والعباد، وضرورة توحيد الجهود لمواجهته.

ومع نجاح الأجهزة الأمنية مجتمعة في كشف خيوط الشبكة المخططة لهذه العملية وغيرها في المستقبل القريب، وإلقاء القبض على عدد لا بأس به من الارهابيين المجندين والمزروعين في مختلف المناطق اللبنانية بانتظار ساعة الصفر لضربتهم الإرهابية، بقيت المسؤولية الكبرى في ملعب الأحزاب والتيارات والقيادات المستقلة لتجتمع أيضاً حول مَخرَج لائق للأزمة السياسية، أولاً عبر تطبيق التوافق المسيحي حول إعادة الجنسية على موضع الرئاسة وتسمية مرشّح توافقي، وهو ليس بالأمر المستحيل، وثانياً تأمين النصاب في مجلس النواب، كما حصل الأسبوع الماضي لتشريع الضرورة، وليكن انتخاب الضرورة العنوان الرئيسي لها لوضع حدّ للفراغ الرئاسي المتمادي والذي يزيد الأمور تعقيداً، خاصة في هذه المرحلة الدقيقة على الصعيد العالمي.

إن المبادرة التي أطلقها أمين عام حزب الله لا بدّ من تلقفها وتطويرها ووضعها في بيئة سياسية مناسبة لتعيش، بما أن اهميتها تأتي من الجهة التي أطلقتها وتنادي بحل محلي، محيّداً التسوية اللبنانية عن التسوية الإقليمية، من دون الحاجة في الخوض بالنوايا والأهداف من هذا التحييد، وإذا كان ناشئاً عن تغيّرات إقليمية وتحالفات دولية أم لا.

فالفرصة في التوافق على المخرَج محلياً هي في أعلى سلم الأولويات، ولا ضرورة للانتظار لكوارث جديدة، يخلفها الإرهاب أو الصراع السياسي (كالنفايات والفساد) حتى تتوحّد الرؤية اللبنانية بين الشركاء في الوطن والمختلفين في المصالح، خاصة أن الهدف الأساسي لكل أعداء الوطن، من أجهزة مخابرات إلى منظمات إرهابية، كان ولا يزال ضرب صيغة التعايش واللعب على وتر الحرب الطائفية البغيضة كلما سنحت الفرصة، في نسيج أقل ما فيه أنه فريد من نوعه في تجربة غنية جمعت طوائف وإثنيات وأدياناً تمثل ما هو موجود على امتداد اليابسة في بقعة توازي شارعاً من شوارع الدول العظمى.. وقد أثبتت هذه الطوائف والأديان قدرتها على التعايش والاندماج، فقط عندما تتحيّد جبهتها الداخلية عن الصراعات الاقليمية وعندما تقطع أيدي الخارج من الامتداد إليها وتخريب سلمها الأهلي.

هل سننجح في إنقاذ ما تبقى من مقومات وطن ونقل أرقى صور التعايش المسلم – المسيحي والسني – الشيعي، أم أن الإرهاب السياسي والأمني هو الوجه الحالي لزمن النفايات الذي نعيشه؟