هشام يحيى
بعيدا عن أزمة النفايات وصفقاتها المشبوهة، كان الحوار الإسلامي – الإسلامي في عين التينة برعاية الرئيس نبيه بري بين تيار المستقبل الممثل الأقوى للطائفة السنية وبين حزب الله الممثل الأقوى للطائفة الشيعية في لبنان ثابتا مستمرا بمواعيد جدول أعمال اجتماعاته وكأن الأمور بينهما في البلاد على خير ما يرام، فيما الممثل الأقوى للمسيحيين في لبنان وبحسب أوساط مسيحية بارزة كان متروكا وحده على قارعة طريق المواجهة المفتوحة حول أزمة التعيينات العسكرية وآلية عمل الحكومة المرتبطة ارتباطا وثيقا بحقوق المسيحيين في المشاركة الميثاقية الوازنة والفاعلة ضمن تركيبة النظام اللبناني وذلك استنادا إلى نصوص وروحية الدستور والقوانين والأنظمة المرعية الإجراء التي يتم تطبيقها بطريقة مجحفة لحقوق المسيحيين على أرض واقع ممارسة الحكم في الدولة اللبنانية التي جرى الاستئثار بقرارها نتيجة الممارسات و التراكمات المجحفة التي اعتمدت خلال التطبيق الخاطئ لاتفاق الطائف في فترة الوصاية الأمنية السورية – اللبنانية و التي جرى في خلالها تهميش وتقليص الدور والحضور المسيحي لمصلحة تعزيز الحضور والدور الإسلامي لا سيما السني في الدولة اللبنانية وذلك في ذروة انطلاق واستئثار الحريرية السياسية بمقاليد السلطة والحكم في زمن تنفيذ اتفاق الطائف برعاية ووصاية سوريا والسعودية آنذاك.
واشارت الاوساط الى ان ان ما صدر عن الحوار الإسلامي – الإسلامي قد دل في مكان ما بأن هذا الحوار غير معني لا من قريب ولا من بعيد بمعركة استعادة حقوق المسيحيين التي هي تعني المسيحيين وحدهم ، وهذا ما يدل بأن المسلمين ليس بوارد إعطاء أي حقوق للغير طالما أن هذا الغير لا يتحرك ولا يضغط موحدا بالشكل الكافي الذي يدفع جميع القوى السياسية الإسلامية للإعتراف بأن هناك اجحاف كبير يلحق بالمسيحيين في الدولة اللبنانية وتركيبة النظام السياسي. وبالتالي فإن الضغط المسيحي الحاسم لا يزال غائباً لإرغام الشركاء في الوطن على الاقتناع بان حماية العيش الوطني المشترك والوحدة الوطنية تتطلب تصحيح للخلل و الإجحاف القائمين وذلك على قاعدة احترام المبدأ الأساس الذي يقوم عليه لبنان وهو مبدأ احترام المناصفة والحريات العامة و تعدد وتنوع الثقافات المعتقدات ضمن تركيبة النسيج الوطني اللبناني المصاب اليوم بمعضلة ضرب هذا المبدأ الذي يهدد بنسف الصيغة اللبنانية التي هناك حاجة وطنية لبنانية اسلامية – مسيحية للحفاظ عليها كنموذج بديل عن نماذج التقسيم والتفتيت الطائفية والمذهبية والإثنية التي تجتاح الدول العربية تحت جنح المشروع الإسرائيلي – التكفيري الذي يتربص شرا لتصفية وضرب نموذج العيش المشترك الإسلامي – المسيحي في لبنان وكل المنطقة.
وتتابع الاسواط، بأن ما جرى في الجلسة الأخيرة لمجلس الوزراء وبحسب المعلومات المتداولة في أروقة الكواليس السياسية ليس سوى تركيبة مشغولة بعناية ودقة بين جميع المكونات الإسلامية المشاركة في السلطة والحكم، وهي تركيبة واضحة المعالم والأبعاد لناحية حشر التيار العوني وحيدا في معركته التي لا تزال غير مستوفية شروط التأييد المسيحي الموحد العارم من قبل بقية جميع القيادات المسيحية الأساسية أي القوى المسيحية التي لديها مرشحين أقوياء لرئاسية الجمهورية وهي حزب الكتائب وتيار المردة والقوات اللبنانية التي تقاربت مع التيار العوني بإعلان النوايا ولكن من دون أن يكون لهذا الإعلان مفاعيل سياسية واضحة وحاسمة على صعيد دعم التيار العوني في معركة استعادة حقوق المسيحيين التي على ما يبدو وبحسب المعلومات عينها ان توقيتها لا يتلاءم مع الأجندات الدولية والإقليمية التي أعطت حلفاءها المسلمين والمسيحيين بلبنان في آن معا كلمة السر في تطويق حركة العماد عون، لأن المرحلة بأبعادها الداخلية وعلى مستوى المحيط والجوار لا تحتمل معارك سياسية تتخذ من الشارع المفخخ بشتى صواعق التفجير سبيلا لتحقيق المكتسبات والإنجازات في هذه المعركة وذلك بغض النظر عن مشروعية وميثاقية وأحقية هذه المعركة المرتبطة بحقوق المسيحيين.
وشددت الاوساط على أنه بعد حوالى 25 سنة على تطبيق اتفاق الطائف الذي انتزع صلاحيات رئيس الجمهورية وضرب وحجم القيادات المسيحية التي ايدت وعارضت على حد سواء اتفاق الطائف الذي جرى تطبيقة بطريقة طائفية ومذهبية تكرس الولاء للطائفة والإقطاعية والمذهبية على حساب مجتمع المواطنة والولاء للوطن، هناك فرصة حقيقية للبنانيين عموما والمسيحيين خصوصا لتغيير هذا الواقع من خلال الانتفاض على الواقع عبر النزول إلى الشارع من أجل تغيير الواقع. واشارت الى أن تراجع العماد عون عن مواقفه وتهديداته بالذهاب إلى النهاية في معركته سيكون أكثر من نكسة وهزيمة لمعركة استعادة الحقوق المسيحيين، وإضاعة للفرصة الناريخية المتاحة اليوم أمام المسيحيين لخوض هذه المعركة والإنتصار فيها والتي قد لا تتكرر لا في المستقبل القريب والبعيد.
المصادر أشارت الى أن تراجع العماد عون تحت وطأة الوساطات والمساومات على خط الرابية لإستيعاب الموقف العوني وتنفيسه ليأتي الرد شكليا وعابرا بما لا يتناسب مع شعارات وضرورات المعركة استراتيجيا ليس على صعيد حماية حقوق المسيحيين في لبنان وحسب بل على صعيد حقوق المسيحيين في كل هذا الشرق الذي يتعرض لمؤامرة افراغه من المسيحيين ليكون مسرحا مفتوحا لقتال الاصوليات الإسلامية المتطرفة والتكفيرية فيما بينها، سيكون تراجعا كارثيا على المسيحيين والحالة العونية التي ستفقد كل مصداقيتها في الشارع والوسط المسيحي. لأن هذا التراجع يعني بصريح العبارة استمرار الوضع القائم المتمثل في إن اي مركز شيعي في الدولة اللبنانية لا يمكن ان يصل اليه اي شخص من دون موافقة الرئيس بري بالتنسيق مع حزب الله فهذا الامر محسوم والمناصب الشيعية يعينها الرئيس بري وحزب الله.واي مركز سني يعينه تيار المستقبل ولا نقاش في الموضوع ولا احد مسموح له المشاركة في الاختيار بل المراكز السنية محسوم اختيارها لتيار سعد الحريري والمستقبل الذي يحتكر الطائفة السنية.اي مركز درزي لا يمكن تعيين شخصية درزية فيه الا بموافقة الوزير جنبلاط والأمر محسوم ومسلّم به ولا احد يناقش في الموضوع وممنوع المناقشة.اما عندما تصل الى المركز المسيحي فاذا طالب العماد عون الذي يرأس الاكثرية المسيحية بمنصب معين بعيداً فالرفض الكامل يأتي مجتمعا من جميع القوى والمكونات السياسية التي لا تريد ارجاع حقوق المسيحيين بعد الهزيمة الساحقة التي لحقت بهم بسبب مغامرة العماد عون سنة 1990 الذي تحدى العالم برفض اتفاق الطائف وهذا الأمر كانت نتائجه كارثية على المسيحيين بعد اجتياح الجيش السوري لقصر بعبدا ، ليبدأ بعدها عهد جديد في لبنان لا يسمح في ظل تطبيق اتفاق الطائف بوجود شريك مسيحي قوي للمسلمين الأقوياء في السلطة اللبنانية.