«صفير حي فينا»… كانت هذه الكلمات الثلاث، التي قالها البطريرك الماروني الكاردينال ماربشارة بطرس الراعي في الحشود التي أمَّت المقر الصيفي للبطريركية المارونية في الديمان، كافية لاستحضار إرث البطريرك صفير في الصمود والمقاومة من خلال آليات ومواقف، من نداء بكركي في ايلول 2000 إلى لقاء قرنة شهوان إلى مصالحة الجبل.
السؤال اللغز عند البطريرك الراعي، وعند كثيرين ممن يتابعون الملف، يتمثل في الآتي: كيف جرى تكوين ملف للمطران الحاج؟
مَن هي الجهة الأمنية التي خابرت مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي فادي عقيقي، ووضعت بين يديه المعطيات التي تستوجب التحقيق مع المطران الحاج؟
هل راجع القاضي عقيقي أحداً قبل أن يعطي إشارةً للأمن العام للتحقيق مع المطران الحاج؟
حكي عن أن بين المصادرات «مغلفات تحوي أموالاً عائدة لمواطنين دروز من اقارب لهم في الأراضي المحتلة، ولفلسطينيين من فلسطينيي 1948 وللبنانيين من غير المسيحيين فلماذا لم يتم استدعاء هؤلاء؟
حين يقول البطريرك الراعي أن الملف «يستهدفني شخصياً»، فهو لا يُطلِق الكلام جزافاً، فهو يدرك أن «حزب الله» يقاطعه، أما الاستثناء فهي لقاءات نادرة.
القطيعة الأبرز لـ»حزب الله» للبطريرك الراعي بدأت منذ ثمانية اعوام تماماً بعد الزيارة الرعوية للبطريرك الراعي للأراضي المقدسة. لم يستسغ «حزب الله» هذه الزيارة وشن عليها هجوماً سياسياً عنيفاً، ولم يأبه الراعي لذاك الهجوم.
منذ شهرين تقريباً، تحدثت وسائل إعلام لصيقة بـ»حزب الله» أن هناك حواراً بين الفاتيكان و»حزب الله» عبر السفارة البابوية في لبنان. كان القصد من ترويج تلك الأخبار، محاولة من «حزب الله» لاستفزاز البطريرك الراعي الذي بدا صلباً وعارفاً بالمناورة التي يحاول «حزب الله» القيام بها.
وكان «حزب الله» اعتبر نفسه مستهدفاً منذ تموز 2021، حين أطلق البطريرك الراعي سلسلة العظات التي تطالب بحياد لبنان، وكان «حزب الله» آنذاك في ذروة تدخله في سوريا واليمن وغيرهما، فكيف يتحمل طرح الحياد وهو في ذروة الإنحياز؟
اليوم الهوة عميقة بين بكركي و»حزب الله»: البطريرك الراعي يعلن بالفم الملآن أن المطران الحاج سيواصل مهامه بين لبنان والأراضي المحتلة، «حزب الله» يتحدى بكركي ويعلن عبر أحد مسؤوليه: لا عبور بعد اليوم للمطران الحاج.
السؤال هنا: مَن يقرر العبور أم عدم العبور؟ الدولة اللبنانية و»اليونيفيل» أم «حزب الله»؟ وماذا لو عاود المطران الحاج المرور، فهل يمنعه «حزب الله» مباشرةً؟ وبأي وسيلة؟ وفي حال المنع، ماذا سيكون عليه موقف الدولة اللبنانية؟