جمع الأقطاب يصطدم بتصعيد القيادات المارونيّة.. ويُربك الموقف
تكثفت الزيارات الى المقر الصيفي للبطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة الراعي في الديمان، وشهد المقر في الفترة الأخيرة حركة غير اعتيادية لزوار وسياسيين من الصف الأول والمتداول بأسمائهم في بورصة المرشحين لرئاسة الجمهورية ومن الزوار من درجة اللاعبين المؤثرين في الاستحقاق الرئاسي.
الحج الى الديمان ترافق مع معلومات تم التداول بها عن مبادرة يسعى إليها الكاردينال الراعي من فترة، لجمع قيادات الصف الأول للبحث في الملف الرئاسي قبل الولوج في مرحلة المهل الدستورية .
وفق المعلومات، فان مسعى الراعي هدف الى تحقيق مسألتين: أولا جمع القيادات المارونية مع بعضها للإتفاق على مرشح واحد، ومن أجل تفادي الانقسام وتشرذم المسيحيين تجنبا لمعركة مسيحية مسيحية.
وبغض النظر عن مصير المسعى البطريركي، وما سينتهي إليه الحراك الذي تقوم به القيادات المارونية المعنية بالانتخابات الرئاسية، يؤكد المطلعون على موقف بكركي ان موقفها ثابت، فهي لا تتدخل في تفاصيل الاستحقاق الرئاسي، ولا تضع شروطاً محددة او تصطف الى جانب أي مرشح، لكن لديها مواصفات تحدث عنها الراعي في عدد من عظاته الأخيرة.
لا تمانع بكركي ان يكون رئيس الجمهورية المقبل من قيادات الصف الأول، ولا تضع «فيتوات» على أحد من هذه القيادات، الأمر ايضا ينسحب على الشخصيات المسيحية الأخرى التي لها الحرية بالترشح، ويمكن التوقف عند الزيارات المتتالية لكل من رئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية وكل من رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل ورئيس حزب «القوات» سمير جعجع لتبيان تعاطي سيد بكركي بسواسية مع الجميع.
ومع ان البطريرك الماروني حرص في عظة عيد انتقال السيدة العذراء على انتقاد أمر يتعلق بالرئاسة ، محددا «ان لا برامج لأحد حتى اليوم في الموضوع الرئاسي»، إلا ان موقف الراعي يأتي في السياق الطبيعي وغياب البرامج والخطط، وغمزا من قناة التنافس والمواقف المتشنجة من الأقطاب.
لا يتدخل سيد بكركي مباشرة في الإستحقاق باستثناء سلة المواصفات التي وضعها لرئيس الجمهورية المقبل «الحيادي» والأقرب الى «السيادي» الذي لا يتبع سياسة المحاور، ومن المؤكد ان مواصفات الراعي لا تنطبق على مرشح يسميه فريق ٨ آذار، ومن المؤكد أيضا ان مواصفات الراعي لا تتماهى مع طرح باسيل حول المرشح القوي، والذي حدد شخصية الرئيس بأن عليه ان يمتلك تمثيلا يتجسد بكتلة نيابية ووزارية تدعمه وتزيد من قوة صلاحياته وموقعه.
وبين تمسك باسيل بنظرية الرئيس القوي، والتلميح الى حقه في أن يكون رئيسا لأنه يمثل الكتلة المسيحية الكبرى في مجلس النواب، وتصعيد سمير جعجع الذي طالب برئيس «تحدي» لسياسات النائب جبران باسيل وحزب الله، تقرأ مصادر قريبة من الكنيسة معالم انقسام مسيحي لا ترغب بكركي بحصوله، وعمل الراعي على تجنب حصوله في مرحلة خطرة جدا من كافة النواحي الاقتصادية والاجتماعية، وقد صوّب بوصلة الاستحقاق مؤكدا أن الشعب يحتاج الى رئيس يسحب لبنان من الصراعات.
تتطلع بكركي الى رئيس جمهورية قادر على انتشال البلاد من المأزق ولديه خطط سياسية واقتصادية ومالية، من دون التطلع الى الأحجام التمثيلية مما يتعارض مع ما يريده النائب جبران باسيل، ولكنه لا يلتقي بالضرورة مع طرح رئيس «القوات» الذي ذهب الى اعتماد خطاب رئاسي ناري ومعاد، ناسفا إمكان القبول بترشيح باسيل وفرنجية، مما يطرح تساؤلات حول مستقبل العلاقات بين القيادات المارونية على أبواب الاستحقاق الرئاسي، وحول مصير أي مسعى كان يمكن ان يقوم به الراعي للعبور نحو استحقاق هادىء.