كانت لافتة زيارة وفد من حزب الله يوم امس الى الصرح البطريركي، برئاسة رئيس المجلس السياسي في الحزب السيّد إبراهيم أمين السيّد، لتقديم التهنئة بعيدي الميلاد ورأس السنة للبطريرك بشارة الراعي، والتباحث في الملفات الراهنة وخصوصاً الاستحقاق الرئاسي. والزيارة اتت بعد طول غياب ساهمت الاوضاع الصحية في تباعدها، إضافة الى بعض الاختلافات في الرأي بين بكركي والحزب، خصوصاً منذ طرح البطريرك الماروني سياسة الحياد والابتعاد عن سياسة المحاور، اذ بدأ الفتور والتوتر بين الطرفين، من دون ان يظهر ذلك في العلن، اذ كان الفريقان يؤكدان دائماً أنّ الاختلاف في الرأي لا يعني الخلاف، او الوصول الى القطيعة، كما انّ لجنة الحوار القائمة منذ سنوات بين البطريركية المارونية والحزب بعيدة عن اللقاءات، ولم تخلُ بعض المواقف من الانتقادات الخفيفة المتبادلة بين الحين والاخر.
وكان البطريرك الراعي يجدّد دعوته الدائمة للحياد في معظم عظاته وتصريحاته، لانه الحل الوحيد بعد وصول الازمات اللبنانية الى حائط مسدود، وهو لا يرفض الحوار مع حزب الله ، انما يرفض التراجع عن طرحه، وفق مصدر كنسي الذي أكد لـ « الديار» أنّ ابواب الصرح مفتوحة أمام الجميع للتعاون، بما فيه مصلحة لبنان اولاً، لانّ بكركي تبحث دائماً عن مخارج لإنقاذ البلد، وليست مع فريق ضد آخر، والظروف الحالية تتطلب الانفتاح والهدوء ووقف أي خلاف او سجال، وبكركي تستعين دائماً بلغة العقل وتبتعد عن لغة الخصومة، لانها لا تؤدي الى أي نتيجة»، مشدّداً على ضرورة وصول رئيس توافقي وبعيد عن التحدّي»، وبدوره اعتبر السيّد بعد لقائه الراعي «انه لا يمكن الوصول برئيس تحد او مواجهة، ودعا الى حوار حقيقي وجدّي بين الكتل النيابية للتفاهم على رئيس ينهض بمسؤولياته».
الى ذلك، رأت مصادر سياسية مطلعة على علاقة الصرح بحارة حريك، أنّ حزب الله أطلق في الامس رسالة موجهة الى البعض، وتحديداً الى رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل، مفادها: « ننفتح دائماً على معظم الاطراف، ولا نؤمن بالتحالف الفردي وخصوصاً في ما يتعلق بالافرقاء المسيحيين، وعلاقتنا ليست مقتصرة فقط على رئيس الجمهورية السابق ميشال عون و»التيار الوطني الحر» منذ توقيع «تفاهم مار مخايل» في شباط العام 2006، اذ ومع ظهور الخلاف السياسي بين الفريقين، وتفاقمه وصولاً الى حصول ما يشبه القطيعة في بدايتها، والتي لم تفلح الوساطات في إزالتها، ربما لانّ رئيس «التيار» وزّع السهام في بعض الاتجاهات، التي اطلقت العنان للتباينات وقضت على أي وساطة، وهو سارع في اليوم التالي بعد إنعقاد جلسة حكومة تصريف الاعمال، التي أدت الى تفاقم الخلاف بين «التيار» وحزب الله ، وتوجيه الاتهامات له من قبل باسيل، اذ صعد على الفور الى بكركي، محاولاً التقارب اكثر وفتح خطوط جديدة معها، من باب طلب السماح والدفاع عن نفسه، اذ لم يبق له إلا باب بكركي، لكن الرد أتى يوم امس من قبل حزب الله للقول له: «نستطيع الانفتاح على أكبر مرجع مسيحي في الشرق والحوار والتواصل معه».