وهذا العنوان أعلاه ليس من عندياتنا. إنه ورد على لسان غبطة البطريرك بشارة الراعي في «عظة الأحد» التي ألقاها يوم أمس خلال القدّاس الإلهي في بكركي. كان نيافة الكاردينال الراعي يتحدث عن الأزمة في لبنان وتعقيدات انتخاب رئيس الجمهورية، فتناول مواصفات الرئيس المنشود ليشدّد على أن الرئيس الذي يشكل انتخابه «الحل الوحيد» هو الذي يكون «متحرّراً من كل ارتباط وانحياز ومحور» لكي يتمكن من توفير المساعدات العربية والدولية للبنان، ولكي ينال «ثقة الشعب في الداخل والدول في الخارج»، وهذه التي أسماها سيد بكركي «أولوية الأولويات والضرورات» جاءت صريحة ومباشرة.
كلام الصرح البطريركي، أمس، لا يحتاج إلى كثير من التفسير، فتفسيره منه وفيه، ولا يحتمل الاجتهادات فالنص واضح وصريح و «سهل ممتنع».
إنه الكلام الذي قاله صاحبه ولم يمشِ، إذ أن البطريرك تحدث بلهجة شديدة وبصوت عالٍ وبنبرة حادّة، وعلى حد ما قاله معلمه الإلهي في إنجيله المقدّس: «ومَن له أذنان سامعتان فليسمع».
بعد هذا الكلام، عالي السقف على كبير وضوحٍ، سقطت ترشيحات ولكن لم تُعلن بعد ترشيحات (ولا ترشحات) جديدة ذات شأن. وهذا ما يبدو أن بكركي تعمل عليه، وهي تتعامل مع الرئاسة والطامحين إلى «الفردوس المفقود» في قصر بعبدا نظرة عُليا، ولكنها ليست فوقية. فما نعرفه أن البطريرك ينظر إلى الجميع بالتساوي، ولكنه لا ولن يقبل، مهما كانت الظروف والأحوال والضغوطات، أن يُفرض على اللبنانيين رئيسٌ يأتي انتخابه معمِّقاً الأزمات والانهيار والانقسامات.
فمن يكون هذا الرئيس؟ في يقين بكركي، والكثيرين أيضاً، أن الطائفة المارونية لديها رجالات عديدون ممّن يمكنهم أن يتولّوا الموقع الرئاسي بجدارة، ولكن يجب قبل ذلك وضع الأنانيات والأحقاد على حِدى، وتغليب مصلحة لبنان العليا على ما عداها ليس عند المسيحيين وحدهم وحسب، بل كذلك عند سائر ألوان الطيف اللبناني. فالرئيس الآتي يجب أن يكون للبنان كله وللبنانيين جميعهم، وليس لفئة دون سواها. وهذا أضعف الإيمان.