IMLebanon

الراعي يشكّك في المفاوض اللبناني: المطلوب استمرار الحرب؟

 

 

 

ثلاثة عناوين يسمعها زائر بكركي هذه الأيام تتمحور حول انتخاب رئيس للجمهورية، تطبيق القرارات الدولية والعودة إلى «الحياد الفاعل». في الواقع، ليست هذه عناوين جديدة، إذ دأب البطريرك بشارة الراعي على تردادها منذ أكثر من عامين وأعاد التأكيد عليها في عظته أمس، مضْفياً بعضَ التعديلات المتعلقة بالمفاوضات التي يجريها رئيس مجلس النواب نبيه بري مكلّفاً من قبل حزب الله مع الوسيط الأميركي عاموس هوكشتين بالنيابة عن العدو الإسرائيلي. فقد عبّر الراعي بوضوح عن تململه من تلك المفاوضات عبر تشكيكه في الجهة اللبنانية التي تتولاها، أي بري بشكل خاص ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي اللذين اعتبرهما جهتين فاقدتين للصلاحيات الشرعية والدستورية، معتبراً أن تلك المَهام هي من صلب صلاحيات رئيس الجمهورية، وأن هناك تعمّداً بعدم الدعوة إلى جلسة لانتخابه ليبقى مستبعداً عن المشهد.

وفيما يُقرأ من كلام الراعي انزعاجه من حركة بري وسلوك ميقاتي، يبدي البطريرك أمام زواره استياء من عدم زيارة هوكشتين له في إطار الجولة التي قام بها على بعض المسؤولين اللبنانيين إضافة إلى عدم الأخذ برأيه حول الوضع المسيحي الحالي ورؤيته لتطبيق القرارات الدولية. والواقع أن الراعي يحرص في كل اللقاءات على تكرار تمسكه ليس بالقرار 1701 فحسب، بل بكل القرارات الدولية بما فيها القراران 1559 و1680 كمقدمة لإعلان «حياد لبنان» في الخطوة التالية، إذ ترى بكركي، وفقاً لأحد الأساقفة، أن «الحياد الفاعل» هو «خشبة خلاص لبنان بشرط أن يُطبق برعاية مجلس الأمن الدولي وتوافق عليه كل المكوّنات اللبنانية». والحياد هنا، على ما تؤكد المصادر، «لا يعني الابتعاد عن المحيط العربي أو عدم مساندة القضية الفلسطينية، بل يشمل فقط عدم المشاركة بالأعمال الحربية». لذلك لا بدّ من دور أساسي لرئيس الجمهورية في تبنّي «نظام الحياد» والسعي لتطبيقه صوناً للوحدة الوطنية ولمصلحة البلد. وبحسب ما يقوله الراعي، فإن هذا الحياد «يمكن أن يؤمّن مخرجاً مُشرّفاً لحزب الله حتى يسلّم سلاحه من دون أن يشكّل ذلك أي إحراج أمام جمهوره. فعندما يصبح لبنان محايداً سيمتلك الحزب التبرير التقني للتخلي عن السلاح طالما أن مجلس الأمن سيطلب من العدو الإسرائيلي وسوريا الاعتراف بحياد لبنان واستعادة أراضيه المحتلة إن ثبتت ملكيته لها». وبالتالي، «ستنعم الدولة بالازدهار كما كان الوضع عليه أيام الاستقلال الأولى وستعود المكوّنات اللبنانية إلى العيش معاً تحت سقف القانون والشرعية الدولية».

 

كيف يوفّق الراعي بين اعتبار المجلس هيئة ناخبة ودعوته المجلس إلى التمديد لقائد الجيش؟

 

من هذا المنطلق، يرى الراعي في ما يجري من مفاوضات «مسعى جديداً لإغراق لبنان أكثر فأكثر ودفعه نحو الهاوية»، معتبراً أن صيغة التفاوض «لا تخدم الدولة وليست لصالحها»، فضلاً عن «عدم ثقته بالمفاوض الذي يقفل أبواب المجلس النيابي الفاقد لهيئته التشريعية بعدما أصبح هيئة ناخبة لا تؤدّي دورها منذ سنتين».

غير أن ثمة من يسأل في هذا الإطار عن الازدواجية في كلام البطريرك الذي دعا منذ أقل من أسبوعين إلى التمديد لقائد الجيش في ظل هذا الوضع من جهة ولا يعترف بشرعية مجلس النواب من جهة أخرى. فكيف إذاً يطلب من هذا المجلس الذي تحوّل إلى هيئة ناخبة عقد جلسة تشريعية للتمديد لقائد الجيش؟ أمّا القضية الأخرى فتتعلق بالمفاوضات التي اعتبرها البطريرك بمثابة تعدّ على صلاحيات رئيس الجمهورية من دون أن يشير إلى رؤيته للحلّ في ظل الظروف الحالية أي في غياب الرئيس. فمن هو الطرف الذي تثق به بكركي للقيام بهذه المفاوضات لفرض وقف لإطلاق النار والعمل لإيقاف المجازر الإسرائيلية بحق اللبنانيين إذا كان من المتعذّر انتخاب رئيس، إضافة إلى كون الطرف الأول المعنيّ بهذا الاتفاق هو حزب الله من جهة والعدو من جهة أخرى. وتسأل المصادر: «إذا كان الراعي يعتبر أن رئيس مجلس النواب غير مؤهّل شرعياً ودستورياً للقيام بهذه المهمة، وأن المجلس النيابي هو هيئة ناخبة فقط، كما أن رئيس الحكومة فاقد للصلاحيات والحكومة مشلولة، فلمن تُجيّر إذاً تلك المهمة؟ هل المطلوب الامتناع عن التفاوض مع الموفد الأميركي – الإسرائيلي الذي اختار بنفسه التفاوض مع بري، وإسقاط فرصة إيقاف المجازر والجرائم الإسرائيلية عبر إبلاغ المعنيين بتعذّر الأمر في غياب رئيس للجمهورية؟».