IMLebanon

الحياد مجدّداً في رسالة من الراعي الى بايدن

 

لم يعد بإستطاعة لبنان ان يكون كبش محرقة او جائزة ترضية لصراعات المنطقة

 

الى جانب تكراره الدعوة في عظة كل احد لتشكيل حكومة، في ظل وجع الشعب والازمات المتتالية والانهيارات التي يعيشها لبنان، جدّد البطريرك الماروني بشارة الراعي في عظته الاخيرة القول: «أنه لو كان الحياد قائماً في لبنان ما كنا لنشهد أي أزمة دستورية، بما فيها أزمة تأليف الحكومة حالياً، وعلاوة على المصالح الفئوية التي تفرز الأزمات والحروب في لبنان، يبقى السبب الرئيسي هو الانحياز وتعدد الولاءات، وأي مقاربة جديدة لوجودنا اللبناني يجب أن تنطلق من اعتماد الحياد لنحافظ على وجودنا الموحد والحر والمستقل». كما وجّه الراعي رسالة الى الرئيس الاميركي جون بايدن، حوت ما تضمنته عظته حول الحياد، املاً منه النظر الى قضية لبنان من دون ربطها بأي بلد آخر، وبأن يُسهم في إبعاده عن الصراعات الإقليمية، وبدعم مشروع حياده كمدخل لإستعادة استقراره.

 

دعوة الراعي هذه في اتجاه الادارة الاميركية الجديدة، جاءت في توقيت لافت مع إستلام الرئيس الاميركي بايدن مقاليد الحكم، لتذكيره بأنّ لبنان لم يعد بإستطاعته البقاء ضمن صراعات المنطقة، وبالتالي كي لا يدفع لبنان الاثمان كما تجري العادة، اي ألا يكون كبش محرقة او جائزة ترضية للبعض، كما إنطلق البطريرك من رسالته هذه من الاهتمام الفرنسي لمساعدة لبنان، في ظل معلومات بأنّ الملف اللبناني سيكون في ايدي الفرنسيين من جديد بموافقة اميركية، لذا سارع واطلق دعوته نحو الدول الفاعلة، كما سبق ووجّه الرسائل التي تصّب في هذا الاطار خلال زيارته حاضرة الفاتيكان قبل مدة، حيث قدّم تقريراً مفصّلاً الى قداسة البابا فرنسيس، حول اوضاع لبنان ومخاطره وازماته وانهيارته المتتالية، مع تضمينه مواقف وطروحات بكركي، وابرزها حياد لبنان الذي يشكل العودة الى هويته الحقيقية، وابتعاده عن سياسة المحاور، وكان سبقه بذلك رسائل حوت المضمون المشابه لتقريره، وُجهّت الى الفاتيكان من شخصيات مسيحية، طالبت بتدّخل الحبر الاعظم للمساعدة في حل ازمات لبنان.

 

انطلاقاً من هذا التحرّك الدولي المهم، يشير مصدر ديني مسيحي لـ «الديار» الى انّ كل عظة او موقف او تصريح للبطريرك الماروني، اطلق الصرخة المدوّية لحث المسؤولين لإنقاذ لبنان، عبر ترك مصالحهم الخاصة وخلافاتهم حول تقاسم كل شيء في الوطن الذي وصل الى النهاية، لذا وبعد توجيهه النداءات الداخلية التي خيّبت آماله، إتجه نحو المجتمع الدولي للمساعدة في إنقاذ لبنان المهدّد بزواله عن الخارطة الدولية. كما إستكمل الاتصالات والمحادثات مع الدول الصديقة للبنان، واضعاً كل هواجسه ومخاوفه على الوطن المنهك من كل النواحي، ناقلاً الى تلك الدول إستشعاره القلق على القضية اللبنانية والمصير المرتقب، مشدّداً على عدم إقحام لبنان في مشاكل المنطقة لتفادي كل التداعيات عليه، وهو يتابع اتصالاته في هذا الصدد للوصول الى حل، لكن بالتأكيد هنالك صعوبات ترافق الوضع اللبناني وبعض الاطراف السياسيين، الذين يحولون دون تحقيق ذلك، فهنالك صعوبات يعرفها الجميع، تقف حجر عثرة امام ما نصبو اليه جميعاً.

 

وختم المصدر: «البطريرك الماروني لن يتوقف عن مهمته مهما جرى، بل سيواصلها لتجاوز المحنة، بعد دخوله على خط المعالجة الداخلية، لكن من دون اي جدوى لان التناحرات مستمرة بين المعنيين بالتشكيلة، وهو اطلق صرخاته المتواصلة في العظات والمواقف، ووجّه إنذاراً الى جميع معرقليّ تأليف الحكومة، وحمّلهم تعطيل المؤسسات الدستورية الواحدةِ تلو الأخرى، من دون ان يلقى تجاوب المعنيين، ما جعله مستاءً من الجميع، لكن وعلى الرغم من ذلك لن يتراجع بل سيبقى مصّراً على المتابعة، وإستئناف الاتصالات واللقاءات، لانّ تحركه هذا من اجل إنقاذ لبنان المثقل بالهموم والمآسي».