Site icon IMLebanon

«اللواء» تسأل عن دعوة الراعي لعون لـ «فكّ الحصار» عن الشرعية والقرار الوطني

 

أثار موقف رأس الكنيسة المارونية البطريرك بشارة الراعي خلال عظة الأحد، وخصوصاً مناشدته رئيس الجمهورية ميشال عون العمل على فك الحصار عن الشرعية والقرار الوطني الحر اهتماماً وطنياً واسعاً، وتساؤلات حول الممارسات الدستورية الراهنة في ظل ارتفاع منسوب الشحن الطائفي والمذهبي، بالتزامن مع أزمة اقتصادية اجتماعية خانقة. خصوصاً وأن هذه الأزمات تتزامن مع ذكرى مئوية إعلان لبنان الكبير المتميز بتنوعه واعتداله وحضارته، فيما ارتضى البعض أن تكون ممارسته الخروج عن هذا التمّيز وجرّ البلد الى صراعات مفتوحة من اجل خدمة محاور اقليمية ودولية.

 

«اللواء» سألت ناشطيَن في الحقل العام عن قراءتهما في مواقف البطريرك الراعي ودلالاته:

 

الصائغ: التنوع والوحدة هوية لبنان

في مقاربته للأزمات المعقدة التي يعيشها لبنان، اعتبر الخبير في السياسات العامة زياد الصائغ ان «مكافحة الفساد يجب ان توازيها استعادة السيادة بحصرية السياسة الدفاعية بإمرة الدولة، وبسياسة خارجية قوامها الأمن القومي في انتماء لبنان للشرعيتين العربية والدولية ضمن المصلحة الوطنية العليا»، وبالاستناد الى هذه المعادلة «السيادة الناجزة مع الحوكمة السليمة»، يشدد الصائغ على ان «مناشدة البطريرك الماروني رئيس الجمهورية فك الحصار عن الشرعية استشعار عميق بالخطر الكياني الذي بات يتهدد لبنان، بما يعني هويته الحضارية من ناحية، والامعان في تعليق فاضح للعمل بالدستور من ناحية اخرى»، ويضيف ان «البطريركية المارونية، والتي كانت في أساس قيام لبنان الكبير في العام 1920، رافضة عروضات العزل والفيتوات والكانتونات الطائفية والمذهبية، ومنتصرة للعيش معا في مواطنة حاضنة للتنوع تنتفض اليوم، وفي خيار تاريخي نضالي رفض الانصياع لموازين قوى مختل، وبالتالي تبقى هي وثيقة الصلة بتفوق الدستوروالشرعية، مهما ضربها الحاكم وأمعن في تدميرها المتحكم، الشرعية هي قوة الحق في مواجهة أي حق قوة».

 

وعما إذا كان تنوع لبنان ذاهب الى اضمحلال في ضوء ازدياد الخطاب الطائفي، يشير الصائغ الى ان «السلطة الحاكمة سعت ولم تزل وستستمر في محاولة شد العصب الطائفي والمذهبي، اذ بناءً على ذلك بنت في ذهن الناس وهم تصادمها، فيما كانت تقتسم المغانم على أشلاء الدولة والمواطنة، لكن هذا لن ينجح، ويبدو اننا باتجاه تكوين جبهة مدنية وطنية تعيد الى اللبنانيين وهج تلاقيهم في الشأن العام على الخير العام.»

 

وفي مسببات عدم أولوية انتماء المسؤولين الى لبنان والبحث عن مصالحهم خارج الحدود، دعا الصائغ الى «الانتقال من منصة توصيف المسببات والاتجاهات للعودة الى روح الميثاق الذي أراد من لبنان نموذجا حضاريا في التلاقي بين الشرق والغرب، ولا بد من استعادة وثائق ميشال شيحا وشارل مالك وحتى البطريرك الياس حويك والشيخ محمد مهدي شمس الدين والمفتي الشهيد حسن خالد، والامام المغيب موسى الصدر والشيخ محمد ابو شقرا، وكل هذا الارث النموذجي في صون التنوع بتعددية تشاركية لا يمكن لتوتاليتاريا مقنعة، وشعبويات هزيلة اغتياله، التنوع باق والوحدة فيه باقية فهما هوية لبنان».

 

لبنان يحتاج جبهة مدنية وطنية

 

أما في مسألة حياد لبنان والقرارات الدولية ذات الصلة ربطا بالسلاح ما فوق الشرعية والدولة، أهاب الصائغ بـ «الجبهة المدنية الوطنية التي يحتاج قيامها لبنان دون تأخر بتجاوز المناطق الرمادية في السياسة الدفاعية لتكون إمرتها للدولة، وفي السياسية الخارجية انطلاقا من «الميثاق»، و»اعلان بعبدا» و»النأي بالنفس»، لتكون وجهتها تحييد لبنان، بل وحياده في مرحلة متقدمة عن صراع المحاور وانتصاره لقضايا الحق والعدل وفي مقدمها فلسطين، انما بمنأى عن أجندات تسخرها ورقة مقايضة ومفاوضة».

 

وخلص الصائغ الى ان «حياد لبنان موجب جيو-سياسي، والشرعية المتفوقة على التجزئات موجب أخلاقي، والتنوع في وحدة موجب حضاري، ودون تكامل بين هذه العناصر في سيادة ناجزة لبنان الى انهيار انفجاري».

 

المحامي  حسّان الرفاعي

 

في السياق، يرى المحامي والناشط والكاتب السياسي حسّان الرفاعي، تعليقاً على موقف الراعي، انه «من الجيد أن يخاطب البطريرك الماروني رئيس الجمهورية بشكل مباشر، ولهذا الأمر يفترض ان يكون البطريرك يعرف الجهة التي تفرض الحصار، فالرئيس عون ذهب بمنحى لم يعهده أي رئيس قبله، فهو الرئيس «القوي» الذي وصل الى بعبدا ورفعت حينها لافتة على طريق القصر الجمهوري كتب عليها «يكون الميثاق أو لا يكون لبنان»، أي يكون «المرشح الميثاقي العماد عون رئيسا للجمهورية او لا يكون لبنان»، ولكن عند وصوله الى سدة الرئاسة شهدنا استمرار الممارسات المنحازة، وهذا أمر محزن، وقد عبّر عنه مراراً وتكرارا رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع والرئيس سعد الحريري، خصوصاً ممارسات جبران باسيل الذي فتح باب المعركة الانتخابية الرئاسية منذ اليوم الاول لوصول عمه الى القصر الجمهوري». ويعتبر الرفاعي ان «الهرطقات الدستورية التي درج عليها مستشار عون الوزير السابق سليم جريصاتي لا تخدم اطلاقا الخطاب المعتدل الذي يتجاوز ضرره لبنان وسلمه الاهلي، وهذا الامر جسده في فترة من الفترات المستشار الرئاسي السابق ميشال سماحة الذي قام بحمل ونقل متفجرات»، مشيرا الى ان «جريصاتي يتطاول على الدستور ويعتدي على الصلاحيات وهذا التجاوز من قبله ومن قبل الوزير باسيل يؤدي الى المزيد من الفرقة والتشرذم».

 

ويشير الرفاعي الى أن «البطريرك قد يكون شعر ان الأمور لم تعد تحتمل، وقد تكون دعوته لرئيس الجمهورية جاءت نتيجة الضغط عليه من فريق كبير من المسيحيين في لبنان، الذين أصبحوا يخافون على ان كل ما تم بناؤه أصبح عرضة للانهيار، لأنه في فترة من الفترات كان ثمن الوصول الى الرئاسة الذهاب الى محور الممانعة عند بشار الاسد وقاسم سليماني».

 

على الراعي مطالبة عون بالعمل أو الرحيل

 

وتوقع الرفاعي أن نشهد «المزيد من الهجرة المسيحية»، وتوجه إلى جعجع «الذي ذهب الى هذا الخيار انه لن يجد زعامة مارونية يرثها اذا استمرت الامور على ما هي عليه اليوم».

 

وشدد على «وجوب مطالبة البطريرك الماروني الرئيس عون «بان يعمل او ان يرحل»، وقال: «ليس معيبا ان يرحل الرئيس عندما يأخذ لبنان الى هذا المنحى إذ لا يمكننا الاستمرار بالقول ان ولاية رئيس الجمهورية هي ست سنوات»، لافتا الى أن «البلد يعاني لأنه ذهب بعيدا عن أسُسه في الاحتفال بمئوية وجوده والتي تؤكد ان لا شرق ولا غرب وتشدد على الاعتدال وخاصة من قبل رئيس الجمهورية الذي يجب ان يكون هو الحكم»، مبدياً أسفه «لانحياز الرئيس وفريقه بما فيه الخطاب الاستفزازي لكل الطوائف من قبل الوزير باسيل بغية الوصول الى رئاسة الجمهورية، بشد العصب المسيحي».

 

لبنان يدفع ثمن مغامرات «حزب الله»

 

وأشار الرفاعي انه «لا يمكن ان ننسى ممارسات ومواقف «حزب الله» الطائفية والمذهبية حيث يدفع لبنان ثمن مغامرات الحزب في المنطقة». معتبرا ان «اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري كان بسبب شعور الحزب في مرحلة من المراحل ان الرئيس الحريري يشكل زعامة سنية»، مشدداً على أنه «من أجل عودة الاعتدال الى لبنان علينا تحرير الصوت الشيعي، خصوصا ان لدى الطائفة تنوع في الرأي كما كانت عليه قبل العام 1975»، داعيا الى «العمل للانتهاء من النمط الايراني في لبنان».