في تقديرنا ان عظة غبطة البطريرك بشارة الراعي، امس، من بازيليك سيدة لبنان في حريصا، كانت الأبلغ والأبعد مدى والأعلى سقفا مما قبلها. صحيح ان نيافته لم يتلفظ بأي عبارة جارحة، وهذا ليس من شيمه، ولم يوجه اتهامات فارغة الى أحد والى أي طرف، إلا أن المضمون كان بالغ الأهمية والسقف العالي.
طبعا، سيد بكركي لم يخرج عن مواقفه السابقة، إلا أنه زاد في الإضاءة عليها بنور كاشف ساطع.
كان لافتاً تكراره عبارة «لن نسمح». قالها بحزم وبالتشديد على كل حرف من حروفها الستة. كان غبطته، قبل عظة أمس الأحد، يتقدم باقتراح كما يتقدم بفكرة… أما أمس فبدا جازماً في تأكيده على عدم السماح «لهذا المخطط أن يكتمل» وحدد المخطط بالتلكؤ في تشكيل الحكومة تمهيداً لتطيير الانتخابات النيابية ثم الوقوع في الفراغ الرئاسي بعد الرئيس عون… وأما الهدف فهو «سقوط أمتنا العظيمة».
واذا لم تخنا الذاكرة فهذه أول مرة يستخدم غبطته لفظة الأمة توصيفاً للبنان. وإلى الذين يعترضون على هذا التوصيف نقول: روحوا اعترضوا على الدستور الذي ينص على أن النائب اللبناني هو ممثل الامة كلها وليس ممثل دائرته الانتخابية فحسب.
طبعاً لم يفت غبطته التذكير بالاصرار على ثنائية حياد لبنان (الحياد النشط كما يسميه) والمؤتمر الدولي من أجل لبنان. ونحن على صعيد شخصي نؤيد الاثنين معاً. مع الحياد النشط والإيجابي الذي يؤكد على اعتبار «اسرائيل» عدواً. ومع المؤتمر الدولي كون أهل السياسة عندنا أكثر من فاشلين في إيجاد الحلول لأي مسألة وقضية ومأزق…ولا حتى هم قادرون على أي حل من النفايات الى تأليف الحكومة. ولولا موقفنا المبدئي لذهبنا الى حد القول بالوصاية… لأن المسؤولين فاشلون و مرتهنون أصلاً الى الخارج… وأما الرأي العام فرحم الله الشيخ سعيد تقي الدين.. صاحب القول الشهير المأثور في الرأي العام .
وتبقى بكركي مع بشارة الراعي على خطى الأسلاف العظام الذين استحقوا مجد لبنان.
خليل الخوري