Site icon IMLebanon

من يستجيب لدعوات البطريرك الراعي؟!

 

 

يتمسك البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي بنداءاته «المجتمع الدولي» المتكررة، تولي حل الازمات التي يعاني منها لبنان، منذ امد غير قصير… وهذا ان دل على شيء، فإنما يدل على عدم ثقة سيد الصرح البطريركي بـ«القادة اللبنانيين» وبنيات الافرقاء السياسيين المعنيين واستعداداتهم وقد راتهم لإخراج هذا البلد واهله مما يعانونه، وهو يعرف تمام المعرفة، ان الاستجابة الدولية لهذه النداءات التي تجددت اول من امس الاحد، بالغة التعقيد، بل شبه مستحيلة، داخليا وخارجيا، وان كان اللبنانيون، على وجه العموم، يتقلبون على نيران ازمات سياسية واقتصادية ومالية ومعيشية، غير مسبوقة على هذا القدر…

 

لم يفصح البطريرك الراعي، كما في المرات السابقة، عن الية الدعوة الى هذا المؤتمر الدولي المطلوب، خصوصا وان قراءة البعض من اصحاب السلطة والقرار تؤكد ان ازمة الداخل اللبناني هي «لبنانية مئة في المئة» على ما قال رئيس المجلس النيابي نبيه بري، في حين يرى اخرون انها في جوهرها «انعكاس لصراعات وتطلعات  دولية – اقليمية، تستند الى  افرقاء في الداخل، حيث لكل فريق» مرجعيته الخارجية الدولية او الاقليمية…

 

في وقت سابق، رفع صاحب الغبطة شعار «حياد لبنان» ومن ثم «الحياد الايجابي»، وإن لم يفصح كفاية عن مفهومه لهذه الحيادية، التي لم تقف على رجليها، خصوصا وانها لم تلق من المؤسسات الرسمية المعنية ومسؤوليها، تحديدا رئاسة الجمهورية ورئاسة مجلس النواب ورئاسة الحكومة، اية استجابة، الامر الذي دفع البعض الى وصف هذه الدعوات بأنها «حلم ليلة قدر»، وهو الذي طرق ابواب الفاتيكان، مطلع كانون الاول الماضي، والتقى قداسة البابا فرنسيس لنحو ساعة ، حاملا في جعبته مقولة «الحياد الايجابي» الذي يتطلع اليه، مشددا على اهمية ان يسعى الكرسي الرسولي الى «توفير الدعم لهذا المطلب…» لكن شيئا من ذلك لم يحصل، والانظار تتجه الى اللقاء المنتظر قريبا، بين البابا وقيادات روحية لبنانية…

 

من اسف ان «تنافس مسؤولين في الداخل اللبناني على عرقلة، بل تعطيل، ولادة الحكومة اللبنانية والمبادرات المطروحة، وفي مقدمها» مبادرة الرئيس بري، قد اثبت ان «المنظومة السياسية القابضة على السلطة، عاجزة عن الترفع عن حساباتها ومصالحها الشخصية والفئوية…» فهي لم تتجاوب مع «المبادرة الفرسية» بغير الحكي، وبقيت عالقة، ولا تتجاوب مع مبادرة الرئيس بري… ولا تقدم اقتراحات مقبولة، و»خريطة الطريق» التي وضعتها باريس هي، هي، واسسها وشروطها ماتزال قائمة، ولم تمت، والمطلوب ان يبادر رئيس الجمهورية وفريقه الى تطبيق هذه الشروط والاسس، التي كان اول من اعلن قبولها لفظا، وانتهت مع الاجراءات العملية لتشكيل «حكومة مهمة» وبأسرع وقت…

 

الذين يلتقون صاحب الغبطة، يخرجون بقناعة ان هذا الرجل عند مواقفه والتزاماته، وهو بقدر ما يتمسك بـ«الحياد الايجابي» و«التدويل»، بقدر ما يرفض عزل لبنان عن محيطه العربي، القريب والبعيد، وقضاياه المصيرية، وهو لا يخفي القول بأن «ما يمكن ان يتعرض له المسيحيون، بتنوع مذاهبهم، تعرض له المسلمون عموما فالاخطار التي تحيط بلبنان، كما وفي داخله، واضحة، وهي تتكئ على انقسامات الداخل العامودية والسياسية، وهو الذي يتمسك بوحدة لبنان «ارضا وشعبا ومؤسسات» رافضا، جملة وتفصيلا، ما يروج له البعض، معتبرا  ان «الفيدرالية وتقسيم لبنان غير وارد، بل اخطر ما يتعرض له هذا البلد…» والمطلوب، وبأسرع وقت، هو «تأليف حكومة الصمود والاستمرار بالمطالبة بالاصلاح ومحاربة الفساد وقطع الطرق على مستغلي الانقسامات…»

 

من اسف ان اولوية «اطراف اللعبة الحكومية، هي التصعيد، والهوة تتسع بين «شريكي التأليف» الرئيس عون والرئيس الحريري..» والوضع السائد اذا بقي على ما عليه، سيزيد الحالة المرضية السائدة على حلبة التأليف اعتلالا، والانظار تتجه الى «حل عاجل» عبر «خريطة الطريق الخماسية» التي اطلقها الرئيس بري في مناسبة «عيد المقاومة والتحرير» وقد اكد «ان المدخل الالزامي للانقاذ هو ان يبادر المعنيون، ومن دون شروط مسبقة، او تلكؤ الى ازالة العوائق الشخصية والفئوية، والاحتكام الى الدستور، في تشكيل حكومة من ذوي الاختصاص، غير الحزبيين..»  وقد نالت تأييد وبركة البطريرك الراعي… فإلى اين نحن ذاهبون ولمصلحة من؟