IMLebanon

إلى سيدنا غبطة البطريرك الراعي

 

مجد لبنان منح لكم. ليس لأنكم إلتصقتم كموارنة بهذا الوطن جسداً وروحاً، بل لأنكم جعلتموه فوق كل اعتبار. لم يبعدكم إيمانكم المسيحي والإنساني والأخلاقي عن الدفاع عن هذا الوطن أولاً ومن ثم التوجه لخدمة ضميركم الروحي والعقائدي في العلاقات مع المحيط والعالم.

يعتقد البعض بل ويروّج، بأن التصاقكم بلبنان فعل طائفي ومذهبي، والواقع أنه إلتصاق وجودي وقمة الوطنية. وعلى العكس من ذلك، فإن خروج هؤلاء عن إلتصاقهم بلبنان أولاً، إنّما هو الفعل الطائفي والمذهبي، وقمة التدمير الممنهج لوطننا.

أحزاب الطائفة الشيعية، التي أشبعتنا شعارات عن “المقاومة”، أكّدت على لسان الأمين العام لـ”حزب الله” حسن نصرالله، ومنذ بدايات قيادته لهذا الحزب، أن مفهومهم العقائدي هو جعل لبنان دولة إسلامية. وهو كرر مراراً وتكراراً، إلتزامه بولاية الفقيه في إيران وتوجيهاته بما في ذلك السياسية، وأعرب مراراً أن سلاحه وماله وحضوره الراهن والمستقبلي إنما هو مرهون بالنظام الإيراني. وقد رأينا خروج عناصره أخيراً بصراخ “شيعي شيعي” وليس “مقاومة مقاومة”. ومن جهة أخرى رأينا حركة “أمل” تتلوّن بلون الدولار الأميركي، وبلون قماش كرسي الرئاسة الثانية ومن يضمن لها هذا الكرسي.

أحزاب الطائفة السنيّة، أكّدت دائماً أنّها مع القيادات “القومية” في المحيط، فكانت مع عبد الناصر ومعمر القذافي وصدام حسين وياسر عرفات وحتى حافظ الأسد، وإخوان تركيا بحجة فلسطين، غير آبهين بمصير لبنان. وعلى الرغم من تراجعهم كثيراً مع سيادة الصوت المعتدل للمملكة العربية السعودية حين أعلن الرئيس رفيق الحريري أن لبنان أولاً، إلا أنهم سرعان ما عادوا يتلوّنون بلون الدولار الأميركي وقماش كرسي الرئاسة الثالثة، ومن يضمن لهم هذا الكرسي.

أحزاب الدروز كانت عقائدية مع عبد الناصر، ثم تلوّنت لتطبعها ألوان الدولار الأميركي وتميل مع الريح يمنة ويساراً، ولكنها حتى هذا التاريخ لم تعلن لبنان أولاً. أما معظم الأحزاب المسيحية فتلوّنت عقائدياً بلون العلم السوفياتي أولاً ثم الروسي لاحقاً، وأخرى تلوّنت بلون الدولار الأميركي وألوان قماش كرسي الرئاسة الأولى.

كل هذه الأحزاب إستغلت هذا الشعب وحولته دروعاً في صراعاتها من أجل الخارج. وقد خرج هذا الشعب بكافة طوائفه ومذاهبه ومناطقه ليعلن بوضوح في ثورة 17 تشرين المجيدة، أنّ الشعب يريد لبنان أولاً.

غبطة البطريرك،

نتطلع إلى غبطتك لنقول لا تثق الا بهذه الجماهير التي تحتاج إلى قائد مثلك يؤمن بلبنان أولاً. لست وحدك في معركتك من أجل العدالة للبنان وشعبه. نريد السيادة والإستقلال والحرية لوطننا. ونريد أن تقتصّ العدالة الدولية من كل الذين ارتكبوا جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب وإرهاب على أرضنا. كلنا معك. لا تدعهم يخيفونك، فالله وقديسينه يحمونك.

الأمم المتّحدة تنتظر وقوفك على منبرها لترفع صوتنا أمام العالم أجمع. نريد العدالة لوطننا وشعبنا. نحن ضحية. نريد أن يتوقف استخدامنا دروعاً في حروب الآخرين. نريد أن نعود وطن الرسالة. نريد أن نعيش بسلام وضمن سقف القانون الدولي مع باقي أعضاء المجتمع الدولي القريب أو البعيد. ثروتنا لنا، قرارنا لنا. مستقبلنا لنا. لا تتردد فكل أصحاب الأخلاق والضمير في العالم سيقفون معك. وهذه الوجوه الروحية الحرّة من كل الطوائف التي وقفت إلى جانبك في بكركي في طلّتك قبل أسابيع أمام الناس في ساحة بكركي، ستقف إلى جانبك على منبر الأمم المتّحدة.

أناشدك باسم شهداء لبنان وضحاياه وباسم كل لبناني حرّ في لبنان والعالم، لا تستمع إلى الرئيس ماكرون فعلى الرئيس ماكرون أن يستمع إليك.