Site icon IMLebanon

على مَن تقرأ مزاميرك؟

 

 

يبدو ان غبطة البطريرك الراعي مُصرٌّ على الحفر بالصخر غير آخذ بحكمة الشعر المأثور “لقد أسمعتَ لو ناديت حياً…”. ولا يلامُ إذ إن “مجد لبنان” لم يعطَ كيفما اتفق، بل لمن يرفض الاستسلام ويحتذي سير البطاركة المؤسسين في الدفاع عن الحق والحرية وكيان لبنان.

 

يدرك البطريرك انه ينفخ في قربة مفخوتة، وأن دعوته أركان السلطة الى الامتناع عن تعطيل التحقيق العدلي كضرب السيف في الماء، لكن غبطته لا يستطيع أن يرضخ للأمر الواقع الذي يفرضه المارقون بقوة الفساد والسلاح، ولا يقبل بأن تبقى دموع أمهات ضحايا جريمة العصر في مرفأ بيروت من غير كفكفة تستحيل بلا إحقاق العدالة وتطبيق “ولكم في القصاص…” بالمجرمين والمرتكبين والمهملين سواء بسواء.

 

لن يسكت البطريرك حتماً عن مقتل 214 شخصاً وجرح الآلاف وتدمير ثلث العاصمة الحيوي، لذلك فإنه يطرق كل الأبواب بما فيها باب مَن يؤخذ على غبطته عدم المطالبة بتنحيته بل تعويمه عبر تكرار الزيارات، وهي تهمة المتخاذلين الخبثاء الذين يدركون ان اسقاط ساكن بعبدا دونه سلاح “حزب الله” وليس غطاء بكركي، ويعلمون بأن “الصرح” لن يدافع عن “القصر” لو تشكلت جبهة سياسية مسيحية – اسلامية ترغمه على الرحيل بغية تصحيح المسار الدستوري وإلغاء مفاعيل “الانقلاب على الطائف”، الذي بدأ باغتيال رينيه معوض وتكرس خصوصاً في الدوحة وفي تعطيل الانتخابات الرئاسية حتى وصول ميشال عون الى سدة الحكم.

 

لا يغيب عن سيد بكركي أن دعم القاضي البيطار صعب، ليس بعد تعرضه للتهديد من “حزب الله” فحسب، بل خصوصاً بعد الطعنة النجلاء التي نفذها “نادي الأربعة” مع مسارعة سعد الحريري الى التضامن مع حسان دياب. والطعنة، وإن هدفت الى حماية أشخاص وتذرَّع سياسيوها بأسانيد دستورية ونظَّر لها “مولانا – فم الَمذْهب” بهدوء المفكر وتخرصات صاحب الغرض، فإنها في الجوهر ضربة للدستور ولاتفاق الطائف ولدور السنة الدولتي في لبنان. فبرعاية المتكاتفين مع المدعى عليهم وحصاناتهم صارت الطائفة – الأمة “أمة قلقة” تشبه الأقليات، وأجهَضت رهان “الطائف” واللبنانيين العقلاء عليها لتكون عصب الدولة والتوازن بين طوائف الهواجس والمغامرات والجنوح الى استدراج الخارج للاستقواء.

 

يدرك البطريرك ان مهمة دعم القاضي البيطار شائكة في ظل تآمر “المنظومة” كلها عليه، بدعم طائفي سني “شرعي” وشيعي “ممتاز” وبتراص مسيحيي المحور الايراني في هذا الاصطفاف، ولا يخفى عليه أن رأس المعصية يرأس الدولة. استخدَم مجلسه الأعلى للدفاع لحماية رَجُله في أمن الدولة مفتتحاً العصيان على المحقق العدلي، وتمسك بحصانة دستورية يجب ان تسقط بفعل علمه، كجنرال أولاً، بموضوع النيترات. فأين الغرابة إن تخاذلت النيابات العامة وصار وزير الداخلية تابعاً لـ”عائشة بكار” مانعاً التبليغات؟ وكيف للقاضي الشجاع أن يتابع عمله بأمان؟

 

غبطة البطريرك: انت تناشد أركان السلطة دعم المحقق العدلي رغم ادراكك أنك “… تنفخ في رماد” وأن “لا حياة لمن تنادي”. هؤلاء باعوا أنفسهم للفساد وشهوة السلطة قبل أن يبيعوها للشيطان… فعلى من تقرأ مزاميرك؟