IMLebanon

الراعي أطلق تحذيراته من تغيّر جذري لصيغة وهوية لبنان… وصرخته لم تلقَ الآذان مخاوفه لم تأتِ من عدم… بل من مسؤولين دوليّين : «بلدكم يتنقل بين الألغام» 

 

 

تتفاقم المخاوف يوماً بعد يوم لدى البطريرك الماروني بشارة الراعي، من تغييّر يتحضّر للصيغة اللبنانية، مما يعطي الفوز للبعض على حساب الفئات الأخرى، فينتج عن ذلك إلغاء تعددّية المجتمع اللبناني، وبالتالي صياغة نظام سياسي جديد، سيكون على حساب المسيحيين، وما قاله خلال الحلقة التلفزيونية يوم الاحد الماضي، خير معبّر عن تلك الهواجس التي اطلقها، فكانت يمثابة جرس إنذار اراد إسماعه للمسؤولين، لكن وكما جرت العادة لم يتلق هؤلاء تلك الصرخات المدوّية ، فتنلقوا بين الالغام السياسية التي حذّر سيّد بكركي من إنفجارها المرتقب، فإستمروا في صمتهم وسباتهم العميق، عير آبهين للمخاطر التي تحدث عنها.

 

الى ذلك يمكن ان تختصر مواقف الراعي ببضعة جمل قالها ، ابرزها ذلك التحذير من «الاتجاه نحو تغيّير جذري لصيغة لبنان تختلف كليّا عن هويته، والخوف من افراغ البلاد من الابطال الذين يقوم عليهم البلد، من اجل اجندات تقتضي تركيع الشعب، للقبول بأيّ شيء والسيطرة عليه، فيما المطلوب الحفاظ على لبنان الجوهرة والرسالة، اذ لا يمكن التضحية بلبنان لسواد عيون حدا».

 

هذه المواقف إختصرت ما يتحضّر للبنان من الداخل والخارج، والراعي قالها لتصل بوضوح الى المسؤولين، بحيث اعتبر مصدر سياسي معارض بأنها لم تأت من عدم، انما من مسؤولين دوليين افادوه بها قائلين:» بلدكم يتنقل بين الألغام»، فكانت بمثابة جرس إنذار اراد إسماعها للحكام الذين وعلى ما يبدو لم يتمعنوا جديّاً بما قاله سيّد بكركي، وإلا لشهدنا تحركات سياسية على مستوى واسع، لكن للاسف لم يتلقف هؤلاء معاني تلك الرسائل.

 

ورأى المصدر بانّ عظات ومواقف البطريرك الماروني، تأتي دائما ضمن إطار حث المسؤولين لإنقاذ لبنان، عبر ترك مصالحهم الخاصة وخلافاتهم حول تقاسم كل شيء في الوطن، الذي شارف على النهاية، فيما يبقى الصمت سيّد مواقفهم، على الرغم من النداءات الداخلية والخارجية، ودعوات المجتمع الدولي الى إنقاذ بلدهم المهدّد بزواله عن الخارطة الدولية، وفي عظاته يوم الاحد يكرّر الراعي دعوته الدولة الى التحرّك والالتفات حول الشعب، الذي لم يعد يحتمل القهر والإذلال والجوع وتركه لمصيره، وكأن لا دولة ينتمي اليها او سلطة تتولى امور مواطنيها في اصعب الظروف. معتبراَ بأنّ السكوت المدوّي والدائم من قبل اهل السلطة، دفع بالبطريرك الراعي الى نقل مواقفه من الدين الى السياسة، بسبب إستشعاره الخوف الكبير على مصير لبنان، وتدهور الاوضاع فيه على كل المستويات، في ظل غياب أي بارقة امل بالحل، اذ يبدو سياسيوه في مكان آخر بعيدين عن هموم الشعب المحبط واليائس، خصوصاً الشباب المنتظر على قارعة طريق السفارات، طالباً الهجرة مهما كان ثمنها وتبعاتها، لانها لن تكون أسوأ من العيش في هذا الجحيم، اذ لم يترك الراعي مناشدة إلا واطلقها، خصوصاً الى الدولِ الصديقة لنجدة لبنان، والى منظَّمة الأمم المتحدة للعمل على تطبيق القرارات الدولية وإعلانِ حياده، الذي هو ضمان وحدته وتموضعه التاريخي في هذه المرحلةِ المليئة بالتغيّرات.

 

وعن سبب دعم الاحزاب المسيحية لمواقف الراعي بالكلام فقط وليس بالافعال، إستغرب المصدر غياب تلك الاحزاب عن لعب أي دور في هذا الاطار، بحيث نراهم غير مهتمين، ربما بسبب طموحاتهم البعيدة المدى، او بسبب خلافاتهم التي تطغى على كل شيء، فيما نرى بعضهم يناقض نفسه، اذ ينادي بتقوية القرار المسيحي، وفي الوقت عينه نجده بعيداً عن ذلك، كما انّ بعضهم قام بركوب موجة الثورة والحراك المدني، للتباهي بوقوفه الى جانب الشعب، وذلك لتضليل الرأي العام والحصول على مكاسب لم تعد متوفرة، بعد ان فُضحت مسرحياتهم . املاً العمل على تقوية القرار المسيحي، والوقوف الى جانب بكركي في وساطتها لإنقاذ لبنان، وفتح كل الدروب المقفلة بدءاً من وساطات مسيحية واسلامية مشتركة، للوصول الى حلول، واشار الى ان الراعي لقي تشجيعاً من المجتمع الدولي وبصورة خاصة فرنسا، فيما هوجم من قبل البعض لانه يتدخل في السياسة، على الرغم من ان غرضه معروف وهو إنقاذ لبنان من هذا الجحيم.