IMLebanon

“البطرك” يبني… والسيّد يُدَمّر!؟  

 

 

خطبة البطريرك مار بشارة بطرس الراعي في كنيسة مار مارون في بيروت وتحديداً في الجميزة، بمناسبة عيد مار مارون تضمّنت كلاماً صادقاً ومميزاً، فيه الكثير من الجرأة خاصة بالنسبة لتوقيته. وقد أصاب كثيراً من الأهداف «بطابة» واحدة بدءاً من القضاء اللبناني، إلى رئيس الجمهورية وتدخله في القضاء، وإلى كل المسؤولين الذين يتحمّلون مسؤولية الانهيار الاقتصادي والمالي والسياسي والأمني والاجتماعي في الوطن، حتى وصل به الأمر الى انتقاد حاملي السلاح الذين لا يسمحون بتنفيذ القرارات الدولية من القرار 1559 الى القرار 1701 وطلب من الدولة أن تحزم أمرها وتنفذ القرارين، وإذا كانت لا تستطيع فلا بد من طلب الاستعانة بالمجتمع الدولي كي يساعدنا. وأكد أنّ لبنان أُسّس على انه بلد حيادي يتعايش فيه المسلمون والمسيحيون الى جانب بعضهم البعض مُحْتَرمين «العيش» في دولة واحدة، ولكي نكون دقيقين متعمقين في كلمة البطريرك لا بد من نشر مقاطع منها فنبدأ:

 

أولاً: حين قال يعلمنا التاريخ إن السقوط السياسي والعسكري لجميع الامبراطوريات سبقه انهيار سلّم القِيَم في مجتمعاتها، وتدني مستوى قادتها وخلافاتهم المستحكمة وانتشار الفساد وسيطرة نزوة المصالح.

 

ثانياً: لقد عايش الموارنة كل الفتوحات والأديان والمذاهب وجرّبوا في جبل لبنان، مع إخوانهم الدروز مختلف الصيغ الدستورية، لا سيما في القرن التاسع عشر، فعرفوا حسنات كل صيغة وسيّئاتها، ولما صاروا في موقع التأثير في اختيار المصير سنة 1920، انتقوا المكونات اللبنانية الأخرى وهي الشراكة المسيحية – الاسلامية والانتماء الى المحيط العربي، وميّزوا وطنهم بالتعددية الثقافية والدينية والنظام الديموقراطي البرلماني والحريات العامة والتزام الحياد والسلام، وفصل الدين عن الدولة في صيغة ميثاقية فريدة على أساس من العيش معاً، كما ميّزوا وطنهم باقتصاده الليبرالي وازدهاره ونظامه المصرفي، بمدارسه وجامعاته ومؤسّساته الاستشفائية وأمنه واستقراره وانفتاحه.

 

ثالثاً: لكن ضعف المناعة الوطنية المعطوف على تعدّد الولاءات حرّف رسالة لبنان.

 

غير اننا نناضل معاً كي لا يسترسل لبنان فيكون ساحة صراعات المنطقة ومنصة صواريخ وجبهة قتال.

 

رابعاً: يجب إجراء الانتخابات النيابية والرئاسية في مواعيدها الدستورية فالشعب اللبناني المقيم والمنتشر التوّاق الى التغيير يتطلع الى هذين الاستحقاقين ليعبّر عن إرادته الوطنية فلا تخيّبوا آماله من جديد.

 

خامساً: إعلان الحقيقة في تفجير مرفأ بيروت بعد مرور نحو عامين، وقد سمّي الانفجار «انفجار العصر» فلا يمكن أن يظل التحقيق مجمّداً، ويبقى ضحية الخلافات والتفسيرات الدستورية كأنّ هناك من يخشى الحقيقة.

 

سادساً: تسريع عملية الاصلاح والاتفاق مع صندوق النقد الدولي.

 

سابعاً: استكمال تطبيق «اتفاق الطائف» ومعالجة الثغرات الناتجة، والسعي الى تطبيق قرارات مجلس الامن من أجل تحقيق سيادة لبنان على كامل أراضيه… وإذا استمر عجز الدولة عن التطبيق فلا بد من الاستعانة بالأمم المتحدة لعقد مؤتمر دولي يضمن تنفيذ الحلول وسلامة لبنان.

 

ثامناً: اعتماد الحياد الايجابي أساساً في علاقاتنا الخارجية لأنه ضمان وحدة لبنان واستقلاله وسيادته.

 

هذا ما جاء في كلمة البطريرك.. بالمقابل كان السيّد حسن نصرالله قد أجرى «مقابلة» مع تلفزيون «العالم»، التابع لإيران، فاستهل كلامه أولاً بانتقاد المواطنين الذين يذهبون الى السفارة الأميركية، ويبدو انه لم يتنبّه هل كان يتحدث الى تلفزيون إيراني، وفي مناسبة وطنية إيرانية، أم انه يعتبر ان إيران هي وطنه، ولبنان عليه أن يكون كما يطالب دائماً عضواً في دولة ولاية الفقيه.

 

وثانياً: المناسبة كانت «عيد الثورة» فعلاً فكيف يتذكر عيد الثورة الايرانية ولا يتذكر تاريخ استقلال الدولة اللبنانية حين قال إنّ لبنان أخذ استقلاله عام 1948 لكنه عاد وصحّح عندما جاءت إليه ورقة يصحّحون له فيها ان تاريخ الاستقلال في لبنان كان عام 1943.

 

ثالثاً: انتقد السيّد الجيش، وقال ما هذه العلاقة المشبوهة بين الاميركيين والجيش اللبناني؟ ناسياً ان الاميركيين قدّموا ويقدّمون الكثير الكثير من السلاح، ومن أفضل الأنواع والمال للجيش اللبناني، بينما كل الوعود التي وعد بها الايرانيون ذهبت فقط الى فريق واحد يأتمر بأوامرهم والمطلوب منه أن يحكم البلد لمصلحة ايران فقط، أما الحديث عن فلسطين والقدس وخاصة «فيلق القدس» الذي لم يطلق رصاصة واحدة في تاريخه من أجل القدس، فالمطلوب منه تنفيذ مخطط فتنة بين أهل السنّة وبين الشيعة تحت نظرية ان مشروع ولاية الفقيه يجب أن يعم جميع المسلمين.

 

رابعاً: تحدث عن البنوك، وهذا جديد خاصة وأنه كان يقول إنه لا يتعامل مع البنوك لأنّ أمواله وأكله وشرابه وصواريخه تأتي من الدولة الايرانية.

 

خامساً: يتحدث عن مبنى السفارة الاميركية في عوكر وينسى ان سفارة ايران في بيروت لا ينقصها شيء، خاصة وأنّ المنطقة أو المربع الذي تقع فيه السفارة يوازي المربع الجديد للسفارة الاميركية. ولكن علينا أن نتذكر ان أميركا هي أغنى دولة في العالم أمّا إيران فيكفيها انها أصبحت دولة متخلفة، دولة يعاني شعبها من الفقر، إذ ان 70٪ من الشعب يحصل على مساعدة شهرية من الدولة بقيمة 20 يورو.

 

أكتفي بذلك لأنّ المقارنة ستكون ظالمة جداً.