يستمرّ البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي في طرح القضية اللبنانية على المنابر العربية والعالمية لأن العملية الإنقاذية تحتاج إلى جهود مضاعفة.
لا شكّ أن لبنان ليس بخير، فهو ينهار اقتصادياً ويُضرب سياسياً، إذ إن هذا البلد الذي شكّل منارة العرب بات شبه معزول وخسر معظم صداقاته العربية والدوليّة.
ويحاول البطريرك الماروني التعويض عمّا اقترفته أيادي المسؤولين، ويُعتبر البطريرك المسؤول الأول عن دولة لبنان الكبير ولا يريد لهذا الكيان أن ينهار، فحين أرادت سلطة الأمر الواقع قطع علاقات لبنان مع الخليج بادر الراعي لوصل ما انقطع من علاقات، وإخراج لبنان من هيمنة محور «الممانعة» الذي يرغب في حصر علاقات لبنان مع عواصم ذاك المحور.
ومن جهة أخرى، فإن الراعي يعمل على أكثر من جبهة، فهو وإن كان يضع ثقله لإنجاح العلاقات اللبنانية-الخليجية، إلا أنّه في المقابل يُبقي خطوط التواصل مفتوحة مع القاهرة، العاصمة العربية ذات الثقل والرمزية المعنوية.
وفي هذا السياق، يتوجّه البطريرك الراعي الأسبوع المقبل إلى مصر في زيارة روحية وكنسيّة ولها أبعاد وطنيّة، وستشمل اللقاءات الرعية المارونية في مصر وسيلتقي شيخ الأزهر الإمام أحمد الطيب والبابا تواضروس إضافةً إلى لقاء مع الرئيس المصري عبد الفتّاح السيسي.
ويتحضّر الراعي لطرح القضية اللبنانية خلال لقائه السيسي، فمصر تنظر إلى الراعي ليس من موقع ديني أو كبطريرك لأكبر طائفة مسيحية، بل كمرجعية وطنية لديها احترامها وثقلها اللبناني والعربي، خصوصاً أن القاهرة تتابع مواقف البطريرك منذ مدّة وهي تدعم مطالبه في الحياد وإنقاذ الشرعية وعدم إدخال البلد في سياسة المحاور.
شكّلت مواقف البطريرك الراعي منطلقاً لحراك داخلي أدّى إلى بلورة فكرة الحياد وإخراج لبنان من محور أخذه رهينة، وبالتالي فانه لا يوجد اختلاف جوهري في المواقف بين بكركي والقيادة المصرية التي تفعل كل ما يمكن فعله من أجل إنقاذ لبنان من ورطته، إن كان بالنسبة إلى الأزمة السياسية أو الأزمة الإقتصادية خصوصاً أن مصر تقدّم كل التسهيلات من أجل وصول الغاز إلى لبنان وتأمين الكهرباء.
ويشكل لقاء الراعي مع شيخ الأزهر مناسبة لطرح مسألة حوار الأديان والحضارات، خصوصاً أن زيارة مصر تأتي بعد فترة قصيرة من زيارة الراعي إلى الفاتيكان وطرح القضية اللبنانية هناك، وبالتالي فإن اللقاء سيشكّل مناسبة للتشديد على أهمية الصيغة اللبنانية وعدم ضربها وسيطرة الأحادية، في حين أن محاربة التطرّف والفكر الإرهابي تبقى الشغل الشاغل لكل المرجعيات الدينية.
وبالنسبة إلى الشقّ الكنسي، فإن الراعي الذي يلتقي أبناء الطائفة المارونية، سيكون له لقاء قمّة مع البابا تواضروس حيث ستحضر أيضاً القضية اللبنانية إضافةً إلى الوجود المسيحي في الشرق، والذي يواجه الإستنزاف نتيجة الحروب والإرهاب والأزمات الإقتصادية المتلاحقة التي تضرب البلدان الشرق-أوسطية.