شكّل لقاء البطريرك الماروني بشارة الراعي مع وفد من «حزب الله» برئاسة رئيس المجلس السياسي السيد ابراهيم امين السيد علامة فارقة لبدايات العام الجديد. فما هي دلالات الاجتماع بعد فتور؟ وماذا طُرح في سياقه؟
بطبيعة الحال، تجاوزت الزيارة حدود المُعايدة لمناسبة عيدي الميلاد ورأس السنة. وبالتالي، فإن الواجب الاجتماعي لم يكن سوى مدخل لتنشيط علاقة الحزب ببكركي واستكمال مناقشة الملفات العالقة وفي طليعتها الاستحقاق الرئاسي الذي يستحوذ على كامل اهتمام الراعي في هذه المرحلة، بينما تم استبعاد المسائل الأكثر حساسية، كالحياد والتدويل، عن النقاش.
وتؤكد مصادر بكركي انّ تهنئة وفد «حزب الله» للبطريرك الراعي بالأعياد شكّلت مناسبة لإعادة تفعيل الانفتاح والتواصل بين الجانبين، لافتة إلى انّ اللقاء كان ممتازاً «مع العلم بأن خطوط الاتصال لم تنقطع أصلاً الا لفترة محدودة نتيجة مقتضيات الوقاية من جائحة كورونا».
وتوضح المصادر انّ احد أشكال التفاعل على خط البطريركية المارونية – الضاحية الجنوبية تمثّل في اجتماع المسؤول الاعلامي في بكركي وليد فياض مع بعض قياديي الحزب أخيراً للتداول في الملف الرئاسي، خصوصاً من زاوية المواصفات التي يجب أن يتحلى بها الرئيس المقبل.
وتضيف المصادر: بكركي تعرف بطبيعة الحال من هو مرشح الحزب، والبطريرك ليس لديه مرشحين ولا يفضّل أحدا على الآخر، بل ما يهمه مبدأ انتخاب رئيس الجمهورية بلا اي تأخير، استناداً الى قاعدة انّ الفراغ غير جائز ولا يصح أخذ «كَسرة» عليه وكأنّ وجود الرئيس او عدمه سيّان.
وتشدّد مصادر بكركي على وجوب اعتماد المسار الديموقراطي في انتخاب رئيس الجمهورية وفق الأصول الدستورية بعيداً من التعليب الجاهز خارج أروقة البرلمان.
وتشير الى ان «مطالبة البعض بحوار مُسبق خارج مجلس النواب للاتفاق على اسم هي مرفوضة لأنها توحي بأننا في نظام وصاية، بينما يجد البطريرك انّ هناك ضرورة لانخراط النواب في جلسات متواصلة حتى إنجاز الانتخاب، على أن يتحاوروا ويتشاوروا داخل البرلمان بين جلسة وأخرى للتوصّل الى اسم يحظى بالاكثرية المطلوبة».
وتؤكد المصادر انّ بكركي ترفض استضافة او رعاية «حوار رئاسي»، كونها غير مقتنعة به وبقدرته على تحقيق نتائج إيجابية، وتعتبر انّ من شأنه مصادرة دور النواب وواجبهم.
وتكشف مصادر البطريركية المارونية انّ وفد الحزب بَدا خلال لقائه مع الراعي وكأنه اقترب قليلاً من فكرة ترك العملية الدستورية تتفاعَل داخل مجلس النواب الى حين انتخاب الرئيس.
وتتابع المصادر: المطلوب رئيس يلتفّ حوله الجميع فيصبح بذلك توافقيا وقويا، اما اذا أتى مُثقلاً بشروط مسبقة «وكان الكل بَالّين إيدن فيه» فسيصل الى قصر بعبدا بلا حَيل وركاب، اي باختصار يجب أن يمون هو على الآخرين لا ان يمونوا هم عليه.
وتشير المصادر الى انه كلما أخفق السياسيون تعاظَم دور بكركي تلقائياً، «وللمناسبة هذا الأمر لا يسرّها لأنها تنادي بفصل الدين عن الدولة، وتعتبر انّ دورها وطني اكثر منه سياسي وهي لا تحبّذ الدخول في التفاصيل والزواريب، الّا انّ عجز اصحاب القرار يدفعها اضطراراً الى توسيع دائرة حركتها».