تحتضن مطرانية طرابلس المارونية اليوم السبت لقاءً ودّياً بين البطريرك بشارة الراعي وفاعليات المدينة بمناسبة حضوره للمشاركة في أعمال الكنيسة، لكنّ هذا الحضور توسّع ليشمل لقاءً مع قيادات الفيحاء النيابية والمدنية في تعبير عن الاحتفاء بوجود البطريرك الراعي بينهم، وفي ترجمة للتواصل الدائم بين الكنيسة وشركائها، خاصة مع متابعة الطرابلسيين الخطوات السيادية التي يتخذها سيد بكركي وتحديداً في دفاعه عن الدستور وتصويبه للسياسات الدولية، والفرنسية بشكل خاص تجاه لبنان.
رئيس أساقفة أبرشية طرابلس المارونية المطران يوسف سويف أوضح لـ»نداء الوطن» أنّ الإطار الأساسي للقاء هو أنّ البطريرك الراعي سيحضر الاجتماع الشهري للكهنة وسيصلي بمناسبة احتفال عدد من الكهنة بيوبيلهم الفضي والذهبي، فهو لقاء صلاة معه، وبهذه المناسبة عبّرت فاعليات طرابلس عن محبتها ورغبتها في لقاء غبطته والسلام عليه في مطرانية طرابلس، لافتاً إلى أنّه رغم أنّها ليست زيارة واسعة للمدينة إلّا أنّها محطة إيجابية ولقاء فعاليات المدينة يحمل أبعاده الوطنية الجامعة.
تحمل زيارة البطريرك الراعي لطرابلس السمة الرعوية، لكنّها أيضاً سيادية لأنّه لا يمكن تجزئة توجهات سيد بكركي، وخاصة من خلال حضوره في مدينة تعتبر معقل السنّة في لبنان، في وقتٍ تتواصل فيه محاولات محور الممانعة تشكيل اصطفاف طائفي (سنّي- شيعي) لعزل المسيحيين، ولا شكّ أنّ المواقف التي سيشهدها اللقاء ستكون معبِّرة عن التمسّك بالشراكة الإسلامية – المسيحية على قاعدة التمسّك بالدستور ورفض المساس باتفاق الطائف، ورفض الأدوار الدولية والإقليمية التي تستهدف استقرار لبنان ونسيجه وتركيبته التي تضمن التنوّع والحرية.
تؤكّد زيارة البطريرك الراعي سقوط الحواجز بين المناطق، وإقبال قيادات طرابلس للقاء البطريرك الراعي مؤشِّرٌ حاسم إلى أنّ آثار مرحلة منع التقاء المسلمين والمسيحيين التي كانت تفرضها الهيمنة السورية، قد أزيلت إلى غير رجعة.
تعرّضت طرابلس لمسار طويل من التشويه لعزلها عن محيطها وتعطيل دورها الوطني، فرُميت بالتطرف، لكنّ مواجهة هذه التحديات تنطلق اليوم من مقاربات وطنية جامعة، وهذا ما ظهر في مؤتمر خلدة الوطني الذي التقت فيه القوى السيادية والنواب المستقلون من جميع الطوائف والمناطق على رفض السلاح غير الشرعي وعلى التصدي لاستخدام الأمن والقضاء في الصراع السياسي، وزيارة البطريرك الراعي لطرابلس تحمل في أبعادها بسط عباءته على مدينة تحتضن الكنائس والمساجد عبر العصور، لتأكيد رفض الظلم ولترسيخ الشراكة الوطنية.
الوجود المسيحي في طرابلس تاريخي وعريق وهو مستمرٌّ ومتواصل ونموذج مستقبلي للحفاظ على لبنان بصيغته الرسالية الجامعة، بغضّ النظر عن التحوّلات السياسية التي لا يمكنها محو قناعات اللبنانيين بالشراكة والبقاء معاً.