بين أجواء الحرب الموسعة المرتقبة والرد على الرد والإستعدادات الميدانية التي تقوم بها الوزارات تباعا لتلقف تداعيات الحرب في حال نشوبها، يبدو أن معارك الجيوش الإلكترونية عبر وسائل التواصل على بكركي وتحديدا سيدها البطريرك بشارة الراعي لا تزال على أشُدّها منذ مقاطعة رئيس المجلس الشيعي الأعلى الشيخ علي الخطيب لقاء ممثلي الطوائف في لبنان لمناسبة زيارة الكاردينال بيترو بارولين لبنان الشهر الفائت.
فعلى رغم محاولات الطرفين تأطير ذيول «سوء الفهم» الذي حصل من خلال زيارة رئيس المركز الكاثوليكي للإعلام الأب عبدو أبو كسم إلى إدارة المجلس الشيعي الأعلى، ولقائه رئيس المجلس الشيخ علي الخطيب، إضافة إلى اللقاءات التي حصلت تباعا لعودة العلاقات الطبيعية بين الصرح والمجلس، بدءا من لقاء النائب فريد هيكل الخازن البطريرك الراعي في بكركي للعب دور وساطة بين البطريركية المارونية والمجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، وزيارة المطران بولس مطر والوزير السابق وديع الخازن المجلس ولقاء الخطيب، ثمة أيادٍ تصر على اللعب بنار التفرقة بين بكركي والمجلس الإسلامي الشيعي الأعلى لترسيخ مبدأ الخلاف والتأكيد ان الهوة تتسع مع الأيام ولا مجال لعودة الأمور إلى ما كانت عليه قبل زيارة الكاردينال بارولين.
«لا خلاف ولا اختلاف» يقول مصدر كنسي لـ«المركزية» ويطمئن كل من لا يزال يقف على جبهة مواقع التواصل الإجتماعي أن «العلاقة بين بكركي والمجلس الإسلامي الشيعي الأعلى جيدة وأي محاولة «لتكبير» الإشكال الذي حصل ستبوء بالفشل لأن المسألة في الأساس لم تكن تستأهل كل هذا الضجيج». وتلفت المصادر إلى أن «التواصل بين الطرفين قائم بشكل طبيعي وكان من المرتقب أن تكون هناك لقاءات مناطقية بحضور الشيخ الخطيب إلا أنها جُمِّدت بسبب الأوضاع الأمنية في الجنوب، كذلك الحال مع باقي رؤساء الطوائف الإسلامية».
وتضيف المصادر أن «موضوع المقاطعة انتهى سياسيا وقد كانت للرئيس نبيه بري اليد الطولى في إطفاء وهج الأزمة التي تفاعلت عبر مواقع التواصل الإجتماعي. وقد سمعنا كلاما من مراجع دينية وسياسية شيعية عليا أن هناك رفضا تاما لحصول أي مقاطعة مسيحية – شيعية ونحن ككنيسة نضع الأمور في إطارها الطبيعي».
بالتوازي، لا ينفي المصدر الكنسي أن يزور الشيخ الخطيب بكركي «فأنا أتكلم من الناحية الوطنية الدينية ولا علاقة لنا في الشأن السياسي. وطالما أن الموضوع «منتهي الصلاحية «لدى الطائفة الشيعية فنحن نعمل لاستكمال ما بدأناه على مستوى التواصل والحوار الديني والإنساني للتخفيف من اللغة الخشبية المعتمدة على وسائل التواصل الإجتماعي».
مع انطفاء وهج الحملات التي شُنت عبر وسائل التواصل الإجتماعي على خلفية مقاطعة الشيخ الخطيب لقاء رؤساء الطوائف في بكركي، اشتعلت حرب شائعات من نوع آخر وهذه المرةعلى جبهة سيد بكركي. فالأخبار عن نية تقديم البطريرك الراعي استقالته بعد الإحتفالات بتطويب البطريرك اسطفان الدويهي وعيد السيدة في 15 آب الجاري، تدور رحاها على صفحات التواصل الإجتماعي. إلا أن المصادر الكنسية تؤكد «أن لا إقالة ولا استقالة للبطريرك الراعي. والأخبار التي تنتشر عبر وسائل التواصل الإجتماعي اعتدنا عليها من أيام البطريرك الراحل مار نصرالله بطرس صفير إذ بدأت تنتشر أخبار وشائعات مماثلة مع بلوغه سن الثمانين إلا أنها استمرت قرابة العقد ونيف ليعود ويقدم استقالته بنفسه».
التاريخ يعيد نفسه «وهذا طبيعي مع بلوغ الراعي سن الـ 85 ويبدو أن «المفتنين» بدأوا بحملاتهم ومشاوراتهم على نار باردة. لكن الراعي لا يزال سيد بكركي وسيبقى ولا نية لديه لتقديم استقالته. فالبطريرك الراعي سيد نفسه وهو رأس الكنيسة ولا أحد يملي عليه قرار الإستقالة ولا توجد أسباب موجبة للإستقالة أو حتى الإقالة لا سمح الله. أما إذا أملى عليه ضميره ذلك فسيفعلها تماما كما فعل سابقا البطريرك الراحل صفير».
الصراع ونشر أخبار عن إقالة سيد بكركي ليست مستحدثة يؤكد المصدر الكنسي. «لكنّ المستجد هو سرعة تناقلها عبر شبكات وسائل التواصل الإجتماعي التي خرقت كل المحرمات ولم تعد هناك أسرار المجمع أو ما يعرف بمجالس بالأمانات، من هنا بدأ الأمر يأخذ أبعادا سياسية وهذا ما شهدنا عليه اليوم في الخبر الذي ورد عن زيارة الراعي لسوريا. وتستبعد المصادر حصول هذه الزيارة في هذا التوقيت بالذات «إلا إذا كانت الزيارة رعوية وقد فعلها سابقا لكن هناك شك كبير في هذا التوقيت».
ولقطع دابر الكلام عن إقالة أو استقالة الراعي تختم المصادر «صحة الراعي بألف خير وهو يتمتع بكامل وعيه ونشاطه الفكري والجسدي وإلا كيف نفسر ترؤسه قداسا في كنيسة السيدة في مجدل المعوش وانتقاله مباشرة إلى المقر البطريركي الصيفي في الديمان؟ فاطمئنوا!».
بالتعاون مع (المركزية)