قبل أيام معدودة من انتخابات مجلس تنفيذي جديد للرابطة المارونية نرانا، ربّما للمرة الأولى، نخرج على مفهومنا لممارسة الديموقراطية لنناشد صاحب الغبطة والنيافة البطريرك الكاردينال مار بطرس بشارة الراعي أن يبادر الى تحقيق التسوية بين اللائحتين المتنافستين، إحداهما برئاسة نعمة الله أبي نصر والثانية برئاسة غسان جوزيف الخوري.
ربما تكون هذه المناشدة ضد اقتناعنا. فنحن طلاب ممارسة الديموقراطية على أوسع نطاق. والانتخابات هي من أبرز عناصر هذه الممارسة ومن أكثر وجوهها نصاعة. ومع ذلك نكرر الدعوة الى تسوية يقررها غبطته ويلتزمها الطرفان.
صحيح أن السيّد البطريرك ليس في وارد أن «يفرض» شيئاً على الطرفين، إلاّ أن مسعاه وبفعالية، مطلوب هذه المرّة أكثر من أي وقت مضى. علماً أن بكركي هي المرجعية المعنوية للرابطة المارونية. وبالتالي لا يجوز الذهاب الى انتخابات تؤدي الى خلافات وشروخ.
ولقد يؤدي الصراع بين القيادات والزعامات المارونية على
«الحصص» في عضوية المجلس التنفيذي، الى تحويل هذه الرابطة الى هيئة فيدرالية ما يعوق عملها، ويعرقل المسعى الى تحقيق أهدافها.
ضربت الخلافات السياسية الحادة الجسم الماروني في بنيته الوطنية والاجتماعية (وهذا معروف لا يحتاج الى كبير شرح) فلا يجوز أن تنتقل هذه الخلافات الى الرابطة التي يأمل الموارنة أنْ تكون صمّام أمان، وذات قدرة على الحراك بين الأطراف كلها.
صحيح أن التعدد في المواقف والاقتناعات والخيارات هو ميزة مشهود للموارنة بها. ولكن الوضع القائم في البلد، والقضايا المصيرية التي لا تواجه الموارنة وحدهم فحسب إنما سائر الأطياف اللبنانية أيضاً (…) من شأنها أن تحث الجميع على توحيد الصفوف. فالمرحلة بالغة الدقة والخطورة.
ونحن نعرف أن الرابطة المارونية غير قادرة على أن «تشيل الزير من البير». ولكننا نعرف أيضاً أن لها دوراً وصفناه أعلاه بالمعنوي، وإن محدوداً، فلا يجوز الغرق في الحسابات الضيّقة والطموح الى وجاهة فارغة، لكي نعرض هذه المؤسسة الى هزات هي في غنى عنها وتؤدي بالضرورة الى إنهاء الدور…
وأصلاً أخذت الرابطة تفقد الكثير من وهجها، ولم تعد تقنع حتى المنتسبين إليها. وليس مصادفة هذا التمنع عن بدل الاشتراك من نحو نصف المنتسبين، وبالتالي فإنّ عملية الانتخاب ستكشف، الى أي حد، بلغ العزوف عن الاقتراع رغم «حماوة» المعركة، حتى من قِبَل الذين سدّدوا اشتراكاتهم، وفي التقدير الأكثر تفاؤلاً أن عدد المقترعين لن يتجاوز الــ500 من أصل نحو 1300 منتسب.
لذلك نختم هذه العجالة بتكرار مناشدة غبطة البطريرك الراعي أن: بادرّ يا سيدّنا
وحقق توافقاً لا بدّ منه،
على أن يكون العمل الأوّل أمام مجلس الرابطة الجديد تدارك الأخطاء وسدّ الثغرات المتراكمة، وبثّ حيوية في الجسم المترهّل و(…) للبحث صلة.