إستمعتُ أمس إلى «عظة الأحد» للكاردينال البطريرك الماروني مار بطرس بشارة الراعي في مناسبة «أحد تذكار الكهنة والمطارنة والأحبار». وفي تقديري أنها واحدةٌ من أكثر عظات غبطته أهميّةً، وهو صاحب الكلام المهم دائماً، فتحدّثَ عن الموكِّل والموكَّل ليُسقِط كلامه على أهل السلطة الذين هم الموكَّلون عن الشعب، وبالتالي مطلوب منهم أن يكونوا أمَناء تجاه الجماعة، فالسلطة السياسية الموكَّلة من الشعب واجبها توفير الخير العام له.
بنى السيد البطريرك عظته القيّمة على هذا الأساس الصلب ليُثيرَ موضوع الأزمات وفي طليعتها عدم تأليف الحكومة، طارحاً سلسلة أسئلة في غاية الدقة والمسؤولية مصوّراً الواقع السلبي الذي يُكبّد الشعب معاناةً هائلةً. فشملَت الأسئلة الإمعان في المواقف السياسية المتحجّرة الهدّامة، مُتّهماً أصحابها بأنهم يمضون في الدولة هدماً، عارضاً لمسلسل أزمات كالإقتصاد الذي «يتلاشى»، وإستجداء الناس أموالهم التي لا يجدونها، والحملات «الكيدية القاتِلة» على المؤسسات الكبرى، متناولاً التهريب، والفساد المستشري، والبطالة، والفقر… وبالتالي رأى أنّ «البلاد دخلَت في مدار الإنهيار الشامل».
وفيما تحدّث غبطته عن النص الدستوري «الواضح وضوح الشمس»، توجّه بالسؤال إلى أصحاب الشأن: «ألا تخافون الله والناس ومحكمة الضمير والتاريخ؟». ولم يفتهُ أن يُشير إلى مبادرته بصورة غير مباشرة، واصفاً المبادرة، في المطلَق، بأنها «ترفع من شأن صاحبها». وأما الحياد فكان له نصيبه في الخِتام…
فيا سيّدنا،
غبطتك تصرّ على قراءة مزاميركَ، ونحن نصرّ على السؤال الموجّه إلى النبي داوود لنُجيّرَه إليك: على من تقرأُها؟ وأنت تُحدِّث الموكَّلين، وعبرهم الطاقم السياسي، ونعرف أنه لا يفوتك للحظة واحدة ما تقوم به هذه القيادات الهجينة من إرتكابات وتجاوزات وإهمال وفساد وموبِقات (…) لو مورِسَت في أيّ بلد آخر من بلدان العالم قاطبةً، لكان أصحابها في السجون من دون أدنى شكّ.
ويا سيّدنا،
من سوء حظ جيلنا أنه كُتِب عليه أن يشهد إنهيار لبنان الذي أحببنا وبه آمنّا بعد الله العظيم، وكان تعلّقنا به مُنطلقاً من كونه وقفَ الله ووطنَ الفرادة في المنطقة والإقليم. ولكنّ القيادات الهجينة إيّاها أسقطَتهُ إلى «تحت التاحِتين» بسبب الجشع والفساد والأشداق المفتوحة على إلتهام المال الحارم.