Site icon IMLebanon

حراك بكركي والفرنسيين: تنقيح لائحة المرشّحين

 

 

تُخيّم غيوم التشاؤم في أجواء الصرح البطريركيّ في بكركي بسبب عدم القدرة على انتخاب رئيس جديد للجمهورية، في حين أن البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي يُحمّل النواب مسؤولية التأخير الحاصل.

 

يتطلّع الراعي إلى استحقاق الرئاسة من زاوية حرمان البلاد من حقّها بأن يكون لها رأس يسارع إلى معالجة الإنهيار الحاصل وتطويقه. وإذا كان يحمّل النواب المنتخبين المسؤولية، إلّا أنه يُصوّب باتجاه المعطّلين سواء أكانوا مسيحيين أم غير مسيحيين، ويحاول حشر الفريق المعطّل الذي يُصوّت بورقة بيضاء ولا يتجرّأ على وضع اسم مرشحه. وكلّ ذلك من أجل الدفع باتجاه إنجاز الاستحقاق ووقف حالة الشغور.

 

وإذا كانت العوامل الداخلية لا تساعد حالياً على إتمام عملية الإنتخاب، إلّا أنّ البطريرك يحاول تحريك الإستحقاق من بوابة علاقاته المميزة بالرئاسة الفرنسية ورغبة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في تحقيق خرق ما على الساحة اللبنانية يُنهي الشغور الرئاسي. وفي السياق، علمت «نداء الوطن» أنّ التواصل المستمرّ بين بكركي والإليزيه أفضى أخيراً إلى اتفاق مبدئي يقضي بقيام باريس بسلسلة إتصالات مع الدول الفاعلة في الملف اللبناني وعلى رأس تلك الدول الولايات المتحدة الأميركية والسعودية وإيران، وذلك من أجل إيجاد أجواء مناسبة وتهيئة تسوية إقليمية توصل إلى انتخاب رئيس حسب مقتضيات المرحلة المقبلة.

 

ومن جهة ثانية، لن يقتصر نشاط ماكرون على الخارج بل إن الدبلوماسية الفرنسية سواء في وزارة الخارجية أم من خلال السفيرة الفرنسية في بيروت آن غريو ستقوم بسلسلة إتصالات مع أفرقاء الداخل، وذلك من أجل صوغ مبادرة تكون قريبة من مبادرة ماكرون التي أعلن عنها بعد انفجار المرفأ، لكن بنكهة رئاسية.

 

بدوره، سيواصل البطريرك الراعي مساعيه على خطّين: الخط الأول مسيحي بامتياز، وذلك لتقريب وجهات النظر بين الأقطاب المسيحيين، من دون أن تصل الفكرة لعقد قمّة للأقطاب في بكركي. أمّا الخطّ الثاني فهو على المستوى الوطنيّ حيث يعمل الراعي على توسيع «بيكار» عمله ليشمل الساحة اللبنانية كلّها.

 

ولكن ما يُعيق عمل بكركي هو غياب حدّ أدنى من القواسم المشتركة بين المسيحيين، إذ إنّ الخلافات تبلغ ذروتها حتى داخل الفريق الواحد، في حين أنّ التواصل شبه مقطوع بين البطريركية و»حزب الله» على رغم المحاولات الحثيثة التي يبذلها البعض لإعادة وصل ما انقطع، خصوصاً أن «الحزب» يُعتبر اللاعب الأكبر على الساحة ولا يستطيع أحد القيام بأي تسوية من دونه.

 

إلى ذلك، قد تشهد الأيام المقبلة عملية تنقيح في الأسماء المرشحة للرئاسة ضمن اللائحة التي تعمل بكركي عليها، بعد سقوط معظم الأسماء بسبب «الفيتوات» المتبادلة ورفض الأقطاب المسيحيين لها، بينما لا يزال اسم قائد الجيش العماد جوزاف عون خارج دائرة المفاوضات أو الحرق.

 

وتحاول باريس الدخول على خطّ الأسماء المرشحة، لكنّ المشكلة التي تواجهها هي أنّ معظم الأسماء التي تطرحها أكاديمية بامتياز أو إقتصادية ولا علاقة لها بالواقع السياسي اللبناني الذي تصفه الإدارة الفرنسية بأنه أشبه بـ»غابة ذئاب»، لذلك فإنّ كلّ ما يحصل بين الإليزيه وبكركي لن يوصل إلى نتيجة في القريب العاجل.

 

ويقرأ الراعي مجريات الأمور واتجاهاتها، لذلك يُصرّ على أن يقوم النواب بواجباتهم من دون تردّد، وعندها يُنتخب من يتخطّى رقمه الـ65 صوتاً وإلّا فإن الدوّامة الحالية ستبقى هي نفسها ولن يصل لبنان إلى أي تسوية رئاسية. إذاً قد تواجه الأسماء التي ستُطرح مجدداً مصير الأسماء السابقة التي طُرحت ولم تُلاقِ طريق التأييد، في حين أنّ المنطق يقول إنّ كلّ اسم يُطرح حالياً سيواجه الحرق إلى أن يحين موعد التسوية الكبرى التي يبدو أنها لا تزال بعيدة المنال.