يبدو أنّ أجواء التحدّي التي كانت سائدة منذ مدّة داخل سينودس الروم الملكيين الكاثوليك في طريقها الى الزوال النهائي بعد مرحلة من التهدئة تكلّلت بقرارات جديدة.
في إطار متابعة ملف ما يحصل في بطريركية الروم الكاثوليك، علمت «الجمهورية» أنّ «استقالة البطريرك غريغوريوس الثالث لحّام باتت بين يدَي الفاتيكان ليبتّها، وحتّى الآن لم يتّخذ البابا فرنسيس أيّ قرار في هذا الشأن، مع أنّ إتجاه الأمور يدّل الى أين ستذهب».
وفي حين رفض لحّام عبر «الجمهوريّة» نفيَ الموضوع أو تأكيدَه، داعياً الى حماية الجسم الكنَسي والبطريركية الكاثوليكيّة وإبعادها عمّا يثير التشنجات، يؤكد عدد من المطارنة أنّ البطريركية قطعت مرحلة التشرذم والخطر التي كانت تهدّدها بفعل تحكيم لغة العقل، وملف استقالة لحّام بات الآن في عهدة الفاتيكان، وسيرضى الجميع بالقرار الذي سيتّخذه.
وفي المعلومات أيضاً حسب مطّلعين على هذا الملف، أنّ أحد أهم الأسباب التي أدّت الى تبريد الأجواء وخروج السينودس الأخير الذي عقد في الربوة منذ قرابة الأسبوعين بنتائج إيجابية، هو قبول البطريرك لحّام بتقديم إستقالته. في المقابل، يقول عدد من المطارنة إنّ الذي كان يؤخّر الإتفاق هو عدم قبول الطرفين المتخاصمين بالحوار بعضهما مع بعض، وعندما تحاورا حُلّت معظم الخلافات، وأبرزها استقالة لحام.
ويشير المطلعون الى أنّ لغة التحدّي السابقة إنتهت الى غير رجعة. إذ إنّ لحام أعلن منذ قرابة العام وخلال إحدى جلسات السينودس أنه سيستقيل، لكنّ لغة التحدّي التي كانت سائدة دفعته الى التراجع، فأكّد أنه لن يستقيل تحت الضغط والتهديد والوعيد لأنّ ذلك سيؤثّر سلباً على الجسم الكنَسي وهذا أمر لا يستطيع أحد تحمّله.
أمّا في حال قبول الإستقالة وأعلن الفاتيكان الأمر، فإنّ مرحلة جديدة ستُفتح في تاريخ البطريركية الملكية الكاثوليكية، في حين أنها المرّة الثانية في الأعوام السبعة الأخيرة يُقدم بطريرك كاثوليكي على الإستقالة، فقد سبقه الى هذه الخطوة البطريرك الماروني الكاردينال مار نصرالله بطرس صفير في خريف العام 2010 وقد قُبلت استقالته بعد فترة وتمّ انتخاب البطريرك مار بشارة بطرس الراعي خلفاً له حيث نُصّب في 25 آذار 2011 بطريركاً للموارنة.
من هذا المنطلق، قد يأخذ قرارُ قبول الإستقالة وقتاً أو قدّ يُبتّ سريعاً، فكلّ هذا الموضوع مرتبط بالفاتيكان. لكن في حال تمّ قبولها، فإنّ أكثر من 20 مطراناً في لبنان وسوريا والأراضي المقدّسة وبلاد الانتشار سيكونون مدعوّين لإنتخاب بطريرك، فهناك في لبنان مطارنة على أبرشيات:
بعلبك، طرابلس وعكّار، بيروت وجبيل، صيدا ودير القمر، صور، بانياس- مرجعيون، وأبرشية الفرزل وزحلة والبقاع. وفي سوريا هناك أبرشيات حلب، اللاذقية، حمص حماه ويبرود، بصرى وحوران وجبل العرب.
وفي الأراضي المقدسة هناك أبرشيّات: عكا وحيفا والناصرة وسائر الجليل، البتراء وفيلادلفيا. وهناك عدد من الأبرشيات في العالم أبرزها: نيوتن في الولايات المتحدة الأميركية، البرازيل، كندا، أوستراليا، المكسيك، فنزويلا، الأرجنتين، اضافة الى عدد من النيابات البطريركية.
تدخل عواملُ عدّة في انتخاب البطريرك العتيد، فلا ينكر أحد تأثير الفاتيكان، إضافة الى أوضاع المنطقة و»البروفايل» المطلوب للبطريرك الجديد وجنسيّته، خصوصاً أنّ المرحلة الاستثنائية في الشرق في ضوء ما يتعرّض له المسيحيون تتطلب بطريركاً استثنائياً، الى جانب رأي المطارنة الذين قاموا بالانتفاضة الأخيرة وهل سيتكتّلون لإيصال مرشحهم.
من جهة ثانية، وفي حين يفضّل عدد من القيادات السياسية عدم التدخل المباشر في المعركة، فإنّ التأثير السياسي موجود خصوصاً أنّ القيادات المدنية الكاثوليكية تعتبر نفسها جزءاً من الكنيسة، لذلك سيكون لها دور في المرحلة الجديدة. لكنّ كلّ ذلك يبقى رهنَ مجريات الملف وقبول استقالة لحام، إذ إنه من المبكر الدخول في الأسماء المرشحة لخلافته.