كان البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي حاسماً في دعوة الحكومة إلى الانعقاد، لأن الشلل الذي يصيب المؤسسات يؤثّر على المواطن في الدرجة الاولى.
لم يعد ينفع الكلام العالي النبرة الذي يطلقه سيّد الصرح، فعظته النارية أمام رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في سبت العيد لم تُحرّك الضمائر النائمة أو تدفع في اتجاه الدعوة إلى اجتماع مجلس الوزراء سريعاً.
وفي السياق، فإن العلاقة شبه مقطوعة بين بكركي و”حزب الله” منذ زيارة الراعي الأراضي المقدسة في أيار من العام 2014، لكن ليس هذا السبب وراء كل ما يحصل.
ويعود السبب الأساسي في انقطاع العلاقة إلى مطالب الراعي التي تُمثّل مطالب أغلبية الشعب اللبناني، وأبرزها الدعوة إلى اعتماد الحياد الناشط وعقد مؤتمر دولي لإنقاذ لبنان وتسليم السلاح غير الشرعي وبناء الدولة ووقف الهيمنة الإيرانية على لبنان عبر “حزب الله”.
وإذا كان منسوب الجفاء مرتفعاً بين بكركي والضاحية الجنوبية، إلا أن رئيس مجلس النواب نبيه بري يحاول دائماً ترطيب الأجواء وتدوير الزوايا وإيجاد مساحات مشتركة، لأن هذا الدور الذي يلعبه يُعلّل وجوده في وجه تمدّد “حزب الله”.
من هنا، فإن أساس الأزمة الحكومية بات واضحاً ويتمثّل في رفض الثنائي الشيعي عقد أي جلسة لمجلس الوزراء إذا لم تتضمّن قبع المحقق العدلي في جريمة انفجار المرفأ القاضي طارق البيطار، في حين أن فريق رئيس الجمهورية لن يوافق على قبعه ومعه رئيس الحكومة نجيب ميقاتي كي لا يغضب المجتمع الدولي.
وأمام كل هذه الوقائع، يرفض ميقاتي دعوة الحكومة إلى الاجتماع، ويثير موضوع تعطيل عمل الحكومة غضب البطريرك وسخطه.
وعلى رغم هذا الغضب، لا توجد مبادرة حكومية تقودها البطريركية المارونية، فالبطريرك قال ما يريد قوله على مسامع الرئيس عون من دون أن يجد آذاناً صاغية.
وبما أن “حزب الله” طرف في “المشكل” الحكومي، فإن هذا الأمر يصعّب أي مبادرة بطريركية بسبب سوء العلاقة بينهما، لذلك فإن التسوية الحالية غائبة.
وترفض بكركي رفضاً قاطعاً أن يدخل ملف انفجار المرفأ في أي تسوية أو يتم ضرب التحقيق، وتدعو البطريركية إلى فصل عمل القضاء عن بقية المؤسسات.
من هنا، فإنه لا توجد أي مبادرة للبطريركية قبل نهاية العام، بل تدعو كل الأفرقاء إلى تحكيم ضمائرهم والعمل على إطلاق عجلة الحكومة سريعاً، وهذه هي المبادرة الوحيدة القابلة للحياة، في حين أن المساومة بين عمل الحكومة والتحقيق غير واردة إطلاقاً في قاموس بكركي.