انطلقت من رسائل خارجيّة لا تطمئن بحلّ قريب للملف اللبناني المأزوم !
ينقل وزير سابق، أنّ الفاتيكان مستاء من خلافات القادة المسيحيين في لبنان، وفق التقارير التي تصله تباعاً عن تشرذمهم وانقساماتهم، حيال أي استحقاق مهم خصوصاً الرئاسة، اذ يتكرّر المشهد كل ست سنوات، من دون ان تساهم المخاطر التي تحدق بالوطن بجمعهم وتوحيد قراراتهم، كي يصلوا الى حل أي ازمة. كما ينقل الوزير السابق استياء بكركي من هذه التناحرات المستمرة منذ عقود، بين الاحزاب المسيحية ورؤسائها الذين يتناسون مطالب البطريرك الماروني، بضرورة فتح صفحة جديدة فيما بينهم، ويقول الوزير السابق:» يبدو انّ سيّدنا الراعي يئس من إمكان جمعهم، وهذا ما بدا خلال تصريحه بعد زيارة رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل يوم الجمعة الصرح البطريركي، لانه يكرّر مناداته لهم من دون ان أي رد إيجابي من قبلهم، وكأنّ البلد بألف خير، وسأل: «أيعقل ان يتناسوا مصلحة بلدهم امام النكايات التي يتبادلونها حيال أي ملف يقف حجر عثرة؟ وبدل ان يقوموا بحلّه يساهمون في وضع العصيّ في الدواليب، وكأنهم غير مؤهلين لتولّي أي مسؤولية في هذا الصدد، مبدياً أسفه للحالة التي وصل اليها هؤلاء بسبب انقساماتهم حيال معظم القضايا”.
الى ذلك، يشير الوزير السابق الى انّ البطريرك الماروني كان وما زال يعمل على مواجهة التحديات، في سبيل وحدة الموقف المسيحي، وهو مُدرك تماماً لحجمها، لكن الخلافات المتجذرة بين الاحزاب المسيحية لا تساعده على نجاح مهمته، لذا يجهد وحيداً لتحقيقها، بعدما تبيّن له أن الازمات المتتالية لها بُعد خطر داخل البيت المسيحي، لكنه لم يلق أي تجاوب مطلوب حتى اليوم.
ومن هذا المنطلق، دعا الوزير السابق القادة اللبنانيين عموماً الى الاستماع برويّة الى كلام البطريرك، وملاقاة الصرخة التي يطلقها وسط كل ما يجري من ازمات سياسية وامنية واقتصادية على الساحة اللبنانية، وذلك بهدف إلغاء ما يتردّد دائماً عن أن السياسة في لبنان مرتبطة بالخارج، لدرجة ان القرار لم يعد لبنانياً بفضل السياسيين المنقسمين دائماً، والمنتظرين موافقة الدول الفاعلة في الشرق الاوسط والغرب، او بمعنى ان لبنان ينتظر الضوء الاخضر في شتى المسائل المتعلقة به من تلك الدول، لكن للاسف لا نسمع سوى الكلام فقط، فيما المطلوب الحلول السياسية الجذرية والقرارات التي توصل الى الانتاج الفعلي في كل القضايا، مذكّراً بكلام الراعي: «اذا اردنا فعلياً ان نخلّص بلدنا من هذه المصاعب، علينا ان نكون يداً واحداً كلبنانيين وكمسيحيين لان دورنا كبير وأساسي، كما ان انقسامنا أضعف لبنان، لذا نشعر بوجود خطر على هوية البلد، ما يستدعي اتخاذ خطوات حاسمة، تبعد الكأس المر عن لبنان الذي يقدمه له بعض السياسيين الطامحين الى تحقيق مصالحهم الخاصة فقط لا غير».
في السياق، برزت في الامس عظة البطريرك الراعي، التي شدّد خلالها على ضرورة التوجّه الى الأمم المتحدة ودول القرار لإنقاذ لبنان قبل فوات الأوان، ورأى أن لا مناص من تدويلِ القضية اللبنانية بعد فشل كل الحلول الداخلية، واشار من ناحية اخرى الى انّ البطريركية المارونية لا تتورّط في الصراعات بين السياسيين والأحزاب، ولا تنحاز إلا الى الحق الوطني وتلتزم بالدستور ببعده الميثاقي. وعلى الفور تلقى الراعي بعض الردود التي رفضت دعوته الى التدويل.
في غضون ذلك، اشارت مصادر سياسية مقرّبة من الصرح البطريركي، الى انّ الراعي أطلق هذه الدعوة بعد رسائل وصلته بأن الحلول للازمات اللبنانية المتتالية، والتي تفاقمت بشكل كبير لن تصل الى أي خاتمة ايجابية على الصعيد الداخلي، فلا لقاءات ولا حوارات من شأنها ان تنقذ لبنان على ايدي المسؤولين اللبنانيين، وقد آن الاوان ان تفهموا ماذا يدور في الكواليس والخبايا، لذا انتظروا الحلول الخارجية واطلبوا المساعدة والانقاذ، ورأت المصادر أنّ عظة سيّد بكركي انطلقت من رسائل خارجية لا تطمئن بحل قريب للملف اللبناني المأزوم!