IMLebanon

بطريرك السلام وتحييد لبنان

 

عظته الأخيرة الأكثر واقعية وتمدّ يد التعاون إلى سوريا

 

 

لم تكن عظة البطريرك مار بشارة بطرس الراعي يوم الأحد الماضي مفاجئة لمن اعتاد على خط بكركي السيادي والسلمي. فدعوته لمدّ اليد لجميع المكوّنات السورية، تنبع من حرص بكركي الدائم على حسن الجوار مع سوريا، وعدم تدخل أي بلد بشؤون الآخر. فالشأن السوري مرتبط بخيارات الشعب السوري. ولم يغفل الراعي بداية عن التذكير بدور المسيحيين الأساسي في سوريا و «المتجذر فيها منذ بدايتها»، وتطمين المسيحيين وفقاً لمعطيات المطارنة والكهنة، بأن الوضع إيجابي. وحثّهم على أهمية الانخراط في العمل الوطني والسياسي.

 

 

 

أما النقطة الأخرى اللافتة في عظة الأحد، فهي النقطة الأخيرة عندما قال الراعي: «نصلي من أجل جعل وقف النار بين إسرائيل ولبنان سلاماً دائماً وعادلاً وشاملاً».

 

 

 

نعم، هي دعوة إلى سلام عادل وشامل مع إسرائيل. وهي دعوة لتحييد لبنان عن صراعات المنطقة. إنه الحياد الذي في كل مرة يتحدث عنه غبطته، يخوّن. لكن الوضع اليوم مختلف. فلبنان مدمّر. وأثبتت المقاومة عدم قدرتها على حماية لبنان، ولا حتى على حماية نفسها.

 

 

 

سقط نظام الأسد، وبالتالي سقط خط الإمداد الأساسي لـ «حزب اللّه». سقط النظام المجرم الذي مارس كل أنواع الترهيب على اللبنانيين. والذي استغلّ كل تطوّرات المنطقة منذ عام 1976 ليضعها في مصلحته تحت عنوان القضية الفلسطينية. سقط النظام الذي قصف الأشرفية لمدة 100 يوم بعدما حلم حافظ الأسد بوراثة زعامة عبدالناصر، ليتبيّن عبر السنوات أنه باع القضية منذ أن باع الجولان، وتحوّلت سوريا من لاعب إقليمي إلى مجرد ممر عبور إيراني لنقل السلاح إلى «حزب اللّه».

 

 

 

لسنا خونة إذا طالبنا بالسلام، إنما نحن واقعيون. فالرئيس المصري أنور السادات استدرك الأمر باكراً عندما فهم أن مواجهة إسرائيل تعني مواجهة أميركا والغرب، وهي بالتالي معركة خاسرة. واتخذ الخطوة الجريئة ووفر على بلده المزيد من الحروب والدماء.

 

 

 

إن أي سلام دائم اليوم سيحفظ أمن لبنان وسيادته، ويرسم حدوده ويعيد أهله إلى الجنوب.

 

لقد باتت إسرائيل أمراً واقعاً. كما أن إزالتها هي وهم قد نكتبه في قصص الخيال.

 

 

 

إن إيجاد حلّ للقضية الفلسطينية هو مسؤولية العرب والعالم بعيداً عن المحسوبيات والمصالح الشخصية. وهذا الحل ليس مسؤولية لبنان وحده. ولعل لبنان هو البلد الذي دفع التكلفة الكبرى نصرة لحق الشعب الفلسطيني.

 

أمام هذا الواقع، لا بدّ أن نتّعظ من التاريخ الحافل بالحروب العربية والفلسطينية الفاشلة ضد إسرائيل، ونذهب إلى ممارسة أعلى درجات الضغط الدبلوماسي. إن قضية الفلسطينيين محقة، والدماء التي سالت من أجلها غالية. وعلينا واجب دعمها موحدين في المحافل الدولية، لكن، كفانا حروباً دمرتنا وقضمت المزيد من أراضينا، وكفانا متاجرة بالدم الفلسطيني ووعوداً بإزالة إسرائيل وانتصارات وهمية منذ حرب 1967.

 

 

 

نصلي مع البطريرك بانتظار مجيء ملك السلام هذا الشهر، سلام على من يحبّ السلام.