يتقدم مشروع الرئيس نبيه بري القائم على التأهيل على مستوى القضاء والفوز بالنسبية في المحافظة، على ما عداه من اقتراحات قوانين انتخابية. حتى الآن يدعمه بري وحزب الله، وبدأ التيار الوطني الحر اتصالاته للترويج له
مع الاستعداد لمرحلة جديدة قوامها انطلاقة عمل الحكومة مع مطلع السنة الجديدة، ورغم كمية الملفات العالقة من أيام المقاطعة والتعطيل في حكومة الرئيس تمام سلام، إلا أن الاهتمام الأبرز، ويكاد يكون الوحيد، ينحصر بقانون الانتخاب. وفيما يستعد المتحاورن حوله، لجولة جديدة من المفاوضات بعد انتهاء عطلة عيد رأس السنة، فإن اتصالات الأيام الأخيرة أفضت بحسب معلومات مطلعين إلى تقدم لافت على خط الاقتراح الذي تقدم به الرئيس نبيه بري والقاضي بالتأهيل الأكثري على مستوى القضاء، والفوز بالنسبية على مستوى المحافظة.
وبحسب معلومات مشاركين في الاتصالات، فإن هذا التقدم غير البسيط ناجم عن اقتناع التيار الوطني الحر به، وإن التيار انتقل من مرحلة النقاش حوله، والدعوة إلى درس إيجابياته، إلى مرحلة القيام بجولة استطلاع مع القوى السياسية الأخرى ترويجاً لهذا المشروع، ولاستشكاف إمكان موافقة الكتل السياسية عليه وإمكان السير به في انتخابات عام 2017، أو على الأقل الاتفاق عليه للدورات اللاحقة.
حتى الآن، كان التيار يتمسك بعنوانين: المشروع الأرثوذكسي كقانون اتفق عليه في بكركي، والنسبية الكاملة. لكن المشروع الأول لم يسلك طريقه بعد حملة الاعتراضات التي واجهته، من مختلف القوى الإسلامية، ومن قوى مسيحية مستقلة، وصولاً إلى تخلي القوات اللبنانية عنه لمصلحة مشروع آخر مع الحزب التقدمي الاشتراكي وتيار المستقبل. أما الثاني فيعرف التيار، مثله مثل حزب الله الذي أبدى تفهمه لحملة الاعتراض عليه، أنه لن يكون قابلاً للتنفيذ بعد مروحة واسعة من الاعتراضات.
وفيما كانت الأنظار موجهة نحو مشروعَي المختلط اللذين قدمهما الرئيس بري من جهة والقوات والمستقبل والاشتراكي من جهة أخرى، ودرس النقاط المشتركة بينهما، تبين أن التيار يعارض المشروعين بشدة، ولا يتحمس له أساساً مقدموه. إلا أن بري خرق الجو الانتخابي باقتراح بات هو حديث الساعة حالياً. إذ أيده حزب الله وأوحى أنه متقدم على أي مشروع آخر مطروح للبحث، ويمكن تلاقي مختلف الأفرقاء حوله، لأنه يؤمّن لكل طرف ما يريده من القانون. وتقول المعلومات إن بري مرتاح إلى أن مشروعه الثاني بات متقدماً وإن الاتصالات مع التيار الوطني الحر قطعت شوطاً مهماً في اتجاه إعلان القبول به، كخطوة إضافية، تضيف إلى رصيد الاتفاقات الجانبية التي عقدت على هامش تأليف الحكومة. وتضيف أن التيار يتولى حالياً، بموازاة بري وحزب الله، اتصالات مختلفة، ليس لتوسيع قاعدة التفاهم عليه ومناقشته بجدية، فبحسب بل للترويج له مع حلفائه والقوى السياسية الأخرى. فيما يعمل في الوقت نفسه على تشريح هذا المشروع والبحث في إيجابياته وسلبياته على التيار أولاً وعلى صورة المجلس النيابي الجديد ثانياً.
يستند المدافعون مسيحياً عن صيغة بري، إلى أن هذا القانون ينطلق من القاعدة نفسها التي انطلق منها المسيحيون الذين اجتمعوا في بكركي وأيدوا مشروع القانون الأرثوذكسي. فقانون بري يسمح للمسيحيين باختيار نوابهم على مستوى القضاء والفائزون على مستوى المحافظة ولو بالنسبية سيكونون من بين الذين ستنتخبهم طوائفهم في الأقضية. وبهذا المعنى يكون الجمع بين الأرثوذكسي والنسبي والأكثري في مشروع واحد يمكن أن يرضي جميع الأطراف، سواء الذين يتحسسون من النسبية الكاملة أو من الأرثوذكسي، والذين يريدون التخلص من آثار الأكثري في تركيبة المجلس الجديد، واختيار الكتل الرئيسية للنواب المسيحيين تحديداً.
وبحسب المعلومات فإن الخلطة السحرية الجديدة، ستكون متقدمة على أي قانون آخر في جولة المفاوضات الجديدة، خصوصاً أن المهل باتت داهمة من أجل حسم مصير القانون، بعدما فشلت الجولة الأولى من الاتصالات، التي قادها بري وحزب الله والتيار، بإقناع المستقبل والاشتراكي والقوات بها. ورغم أن الأطراف الثلاثة لا يزالون يتمسكون بمشروعهم المختلط، إلا أن لكل منهم مشروعاً آخر في الجيب، كما تقتضي المناورات السياسية في ملف حساس ودقيق كملف الانتخاب. وإذا كانت القوات لا تزال تصر في الاتصالات الجارية على مشروعها المختلط، إلا أنها أيضاً تترك الباب مفتوحاً للنقاش حول القانون الأمثل، ولا يبدو أنها متحمسة كثيراً لمشروع بري. أما الاشتراكي، الذي يريد الحفاظ على حصته بالحد الأدنى المعقول، فلم يرَ بعد نتيجة إيجابية من التأهيل على مستوى القضاء والفوز في المحافظة بالنسبية، علماً أن مجرد لفظ كلمتي محافظة ونسبية، يثير حساسية جمة لدى الاشتراكي. في حين أن المستقبل وإن قبل «شكلاً» بالنسبية الجزئية في مشروعه مع القوات والاشتراكي، إلا أن المعضلة لا تزال بالنسبة إليه تحصيل أكبر عدد من النواب الدائرين في فلكه، وخصوصاً المسيحيين. واقتراح بري يحتاج إلى درس من هذا الجانب تحديداً. علماً أن القانون في حد ذاته يحتاج إلى درس معمق أكثر لجهة تحديد كثير من التفاصيل المتعلقة بآليات تنفيذه، بما يتعدى الفكرة العامة، وهو ما ستفاوض عليه الكتل السياسية إن وافقت عليه مبدئياً.