يبدو العنوان الرئيسي لكل اللقاءات التي أجراها أمين سر دولة الفاتيكان الكاردينال بييترو بارولين في بيروت، هو تأكيد رسالة الفاتيكان إلى اللبنانيين، وهي كما أعلن بأن “البابا فرنسيس يتابع بدقة تطورات الوضع في لبنان، الذي لطالما حظي باهتمام الفاتيكان، باعتباره وطن الرسالة على خلفية تمكّن جميع مكوّناته من العيش سوياً”، بالتوازي مع الدعوة إلى “ضرورة بقاء النموذج اللبناني والمحافظة عليه في هذه المنطقة التي تشهد أكثر من صراع، آملاً بتعاون الجميع للوصول إلى مخارج من الأزمة وإيجاد حلول تحمل الأمل للبنان وشعبه، لوفي مقدمها ملف انتخاب رئيس الجمهورية الجديد”.
وفي محاولة لاستشراف تردّدات هذه الزيارة، اكد رئيس تجمع “موارنة من أجل لبنان” المحامي بول كنعان لـ “الديار”، أن “لبنان ليس متروكاً، هذا ما نؤكده باختصار، وهذه الزيارة بمثابة دلالة عميقة تأتي في سياق اهتمام الكنيسة الكاثوليكية المستمر بلبنان وأهله، فلبنان حاضر في تفكير وصلاة قداسة البابا فرنسيس، كما كان حاضراً في عمل وتفكير وصلاة من سبقوه على رأس الكنيسة الكاثوليكية”.
وحول تردّدات هذه الزيارة على اللبنانيين بشكل عام، والمسحييين بشكل خاص، يشدّد على أنه “وسط الشغور المستمر ومخاطر الحرب، تأتي الزيارة لتجسّد حضور الكنيسة بما تمثله من ثقل روحي وسياسي في العالم، ولتعيد أنظار العالم الى لبنان، للعمل على مساعدته في حلّ نزاعاته، وتفكيك الألغام التي تعترض قيام الدولة، ومنها انتخاب رئيس للجمهورية وأزمة النزوح السوري على أرض لبنان، كما أنها دعوة للمسيحيين أولاً ولشركائهم في الوطن ثانياً، لإعادة مدّ الجسور والخروج من الحلقة المفرغة الى التعاون لانتخاب رئيس إنقاذي صاحب مشروع إصلاحي وإنقاذي في أقرب فرصة ممكنة”.
وبالنسبة لما يحكى عن انزعاج فاتيكاني من الإنقسام الحاصل على الساحة المسيحية، يجزم أن “الفاتيكان حريص على لبنان وتنوعه، وحريص على دور المسيحيين فيه، ليبقى لبنان أكثر من بلد، إنما رسالة عيش مشترك ورجاء في الشرق الأوسط والعالم، ومما لا شك فيه أن استمرار الشغور الرئاسي لا يخدم مصلحة هذا الدور، وهذه الزيارة هي بمثابة جرس الإنذار للجميع، ودعوة لتثمير الجهود وتفعيل المساعي ليكون المسيحيون من يبادروا إلى إيجاد الحلول المطلوبة”.
وعن الرسالة التي حملها معه الكادرينال بارولين للمسيحيين عامة ولأهالي الجنوب بشكل خاص، يلفت إلى أن “الرسالة الفاتيكانية هي رسالة رجاء وثبات في الأرض، وهي الرسالة التي حملها السفير البابوي في لبنان باولو بوجيا منذ اللحظة الأولى لاندلاع المواجهات، وحضوره المتكرر الى جانب أهالي الجنوب والمناطق الحدودية، وهي خطوة تستحق الثناء والدعم، لأنها تركت الأثر الطيب لدى الأهالي، إنها الكنيسة التي تحتضن أبناءها، وتقف إلى جانبهم، وتمنحهم الرجاء ليعلموا أنهم غير متروكين”.
وبالنسبة لما يحاول البعض تسريبه عن تباين بين بكركي والكرسي الرسولي، يؤكد كنعان أنها “شائعات لا تستحق التعليق، خصوصاً أن الكنيسة المارونية والفاتيكان يستكملان التحضيرات للقداس الإحتفالي بالبطريرك الطوباوي إسطفان الدويهي، كما واستكمال ملف المكرّم يوسف بك كرم، ومن المفيد التذكير، بأن في حاضرة الفاتيكان اليوم أسقف ماروني يشغل منصب أمانة سر مجلس كنائس الشرق الأوسط، وأيضاً الحضور الماروني الفاعل منذ عقود، الذي سيستمر إلى ما لا نهاية، لا سيما أن للكنيسة المارونية قديسها المؤسِس مار مارون، والقديس شربل، في أهم كنائس الكرسي الرسولي”.