IMLebanon

وقفة ضمير

العالم حولنا مشتعل، نار في اليمن تمتد إلى الخليج ونار في العراق تهدّد بتقسيمه ونار في سوريا تحرق الأخضر واليابس على وقع إبادة السوريين بالكيمائي والبراميل المتفجرة، وهذه النار امتدّت إلى لبنان وتهدّد بالتوسّع من شماله وشرقه، واللبنانيون منشغلون بالحوار البيزنطي بين السنّة والشيعة وبين المسيحيين لإطفاء هذا الحريق أو حصره ومنعه من التمدّد إلى الداخل لكنه حتى الآن حوار عقيم لأن نقاط الخلاف كبيرة والنار المشتعلة حوله أكبر من طاقاته على إخمادها.

إنه حوار بيزنطي ولا شك في ذلك، فالتلاقي والحوار بين السنّة والشيعة ما زال يبحث عن جنس الملائكة ولم يتقدّم رغم الجلسات الحوارية العشر إلى صلب الأزمة الرئاسية التي تشكل المحور الأساسي لأي حوار وما زالت بالتالي تعالج الهوامش من دون الدخول في الأساس، بل في الحدّ الأدنى منه، وهو تنظيم الخلاف إذا كان الإتفاق ممنوعاً في ظل تشابك المصالح الخارجية، والإصرار على استخدام هذا البلد ورقة في لعبة الأمم لصرفها عندما يأتي الوقت المناسب.

والأمر نفسه ينطبق على الحوار المسيحي – المسيحي الذي مضى عليه أشهر ومرشّح لأن يستمر كذلك أشهراً أخرى وربما سنوات من دون تحقيق أي تقدّم على صعيد توحيد الموقف المسيحي بما يخدم إطلاق عجلة الاستحقاق الرئاسي العالقة بين استمرار الخلافات بين القيادات المسيحية الرئيسية، وبقي الكلام عن إعلان النيّات كلاماً في الهواء بسبب تعنّت رئيس التيار الوطني الحر وإصراره على تحقيق حلمه بالوصول إلى رئاسة الجمهورية تحت شعار الرئيس القوي والذي سيبقى شعاراً عاصياً على التحقيق، فيما المطلوب من الفريقين المسيحي – المسيحي والسنّي – الشيعي الالتقاء السريع على توحيد الموقف لمواجهة التحديات والنار التي تمتد إليه ووضع حد للفراغ في رئاسة الجمهورية الذي يعتبر بيت القصيد عند المسيحيين ويشجعهم على التمسّك بهذا الحصن الأخير في الإقليم الغارق في أزماته ومشاكله والذي أصبح مستقبله أكثر سوءاً من حاضره بسبب المداخلات الخارجية من جهة والطموحات الإمبراطورية التي لم تعد خافية على أحد من جهة أخرى.

فالمطلوب إذاً من المتحاورين في الجانبين الدخول في صلب المواضيع الخلافية وعدم الاكتفاء بالدوران حولها بحجة أنها كثيرة التعقيد وهي جزء من اللعبة الدولية على أرض عربية، علماً بأن الوقت يمر بسرعة ويُخشى أن يفوتهم القطار ويحصل ما هو في الحسبان..