تصاعد حدة السجال العالي النبرة الذي اشتعل بين “حزب الله” و”تيار المستقبل” على خلفية “عاصفة الحزم” التي تقودها المملكة العربية السعودية ضد التغلغل الايراني في اليمن عبر الانقلاب الذي نفذه الحوثيون ضد الشرعية الممثلة بالرئيس عبد ربه منصور هادي، يكاد يتجاوز السقوف التي تندرج تحتها التهدئة المتفق عليها بين القوتين الكبريين في لبنان. واذا كان رئيس “تيار المستقبل” سعد الحريري اتخذ موقفا مؤيدا لعملية “عاصفة الحزم” في الساعات الاولى لبدء العمليات القتالية، فإن “حزب الله” سارع في اليوم التالي الى تدبير حملة منهجية ضد السعودية على كل المستويات تقدمها الامين العام للحزب السيد حس نصرالله الذي خرج مرتين على الشاشات ليشنّ هجوما لم يسبق له مثيل على المملكة، ثم استعان بـ”بطارية” من الشتامين تناوبوا على المحطات التلفزيونية والاذاعية، فضلا عن بعض الصحافة الحزبية المعلنة او المستتبعة، لتوزيع الشتائم والتهديدات ضد السعودية ودول الخليج. ولعل بث تلفزيون لبنان لمقابلة السيد حسن نصرالله المنقولة عن فضائية نظام بشار الاسد، شكل الذروة التي بلغتها المواقف، وقد عكست توترا كبيرا في الداخل، معطوفا على الانقسام الحاد بين الموقفين. والحال ان المواجهة الاعلامية لم تتجاوز حتى الآن نطاق الحملات المتبادلة، لكنها تنذر بأخطار على مسار الحوار بين كل من “تيار المستقبل” و”حزب الله”، وبالتالي على المسار الحكومي الذي بقي رغم كل شيء يسير ضمن ضوابط. فهل من خطر على الاستقرار الداخلي في لبنان؟
حتى الآن لا شيء يشير الى ان “التهدئة” آيلة الى السقوط الحتمي صريعة الانقسام الحاد بين طرفي النقيض في البلد. لكن ما لم يتم ضبط الحملات الاعلامية سريعاً، فإن “التهدئة” التي امنت استقرارا معقولا منذ عام الى اليوم يمكن ان تتراجع ليتقدم جو التوتر والاحتقان المتبادل بين الطرفين.
لكل طرف في لبنان ان يكون له خياره، لكن ليس لطرف مهما عظم شأنه ان يحوّل لبنان الى منصة لتوزيع الشتائم والسباب بحق دول عربية وقادتها، واستخدام “تلفزيون لبنان” كأحد المنابر لذلك. فمن المؤكد ان الانقسام حاد في البلاد حول السياسة التي تتبعها ايران، او بالنسبة الى الرد العربي على هذه السياسة في المنطقة، لكنّ ثمة حدوداً لا يجوز تخطّيها مهما كانت الظروف. وعلى جميع الأطراف ان تتنبه الى ان الاستقرار ليس نهائياً، وان استمراره يحتاج الى عناية. وعلى “حزب الله” وامينه العام النزول من “عرشهما”، وادراك امر اساسي، هو ان لبنان لا يمكن ان يبقى منطلقا لسياسات تدخلية امنية وعسكرية في شؤون العالم العربي، وان السيد حسن نصرالله لا ولن يمثل رأي اللبنانيين ولا خياراتهم، وهو لا يمتلك شرعية لذلك.
يكفي نصرالله انه ارسل ويرسل آلاف الشبان الى سوريا ليعود المئات منهم في نعوش، وما من محاسب.