مَن مِن اللبنانيين يعرف عاصم أبو ابراهيم؟ قلّةٌ قليلةٌ بالتأكيد، لكن حتى هذه القلّة لا تعرف ان هذا المواطن اللبناني الطموح دخل مجال المنافسة مع الكبار الكبار في العالم في نطاق التفوق عليهم برواتبهم.
عاصم أبو ابراهيم هو أول رئيس لهيئة إدارة قطاع البترول في لبنان، ورئاسته بالمداورة لأن كل عضو فيها من الاعضاء الستة يتناوب على رئاستها، لئلا يختلفوا على مذهب الرئيس، ومن باب هذه العضوية فإنه يتقاضى راتبًا سنويًا، مثله مثل سائر الأعضاء، يتجاوز المئتي الف دولار سنويًا تُضاف إليها تعويضات سكن بقيمة 3 ملايين ليرة شهريًا بالاضافة إلى 3 ملايين ونصف مليون ليرة تعويض الامتناع عن العمل، ولعضو الهيئة بوليصة استشفاء درجة اولى ومنحة مدرسية بقيمة ستة ملايين ليرة سنوياً، وأخرى جامعية بقيمة عشرة ملايين ثم تعويض انتهاء ولاية مقداره ربع مليار ليرة.
بهذا الراتب والمخصصات يستطيع رئيس الهيئة وسائر الأعضاء ان ينافسوا رواتب اكبر رؤساء العالم، فرواتب كلٍّ منهم هي ضعف راتب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي ينال 110 آلاف دولار سنويًا، حتى أن رواتبهم هي أكبر من راتب رئيس الوزراء البريطاني دايفيد كاميرون الذي يتقاضى 180 ألف دولار سنوياً… فقط.
حين وُضِعَت هذه الرواتب تعالت الاصوات بسبب ارتفاعها، فخرج مَن يُطمئن بالقول: هذه الهيئة منتجة ولن تأخذ من خزينة الدولة بل هي تُنتج أموالها.
فإلى أي مدى هذا القول صحيح؟
هذه الايام تقريبًا، تحتفل الهيئة بمرور عامين على إنشائها وعلى بدء أعضائها بتلقي الرواتب والمخصصات، فمنذ عامين وحتى اليوم وهي تتقاضى هذه الرواتب من خزينة الدولة ومن جيب المواطن الفقير الدافع للضرائب لأنها لم تُنتِج أموالها بعد.
ملايين ملايين تُدفَع من اجل لا شيء ومن أجل غياب أي إنتاج، لا بل على العكس من ذلك فإن لا إنتاج في المدى المنظور، فهذه الهيئة كان يُفتَرض فيها إجراء المفاوضات مع الشركات المتأهلة لاختيار تلك التي ستُمنَح حقوقا بترولية ومن ثم توقيع العقود معها كي تتمكن من بدء عملها، الموعد لهذه العملية كان في شباط من هذه السنة، فأين أصبحت كل هذه الأعمال؟
نحن بلدٌ خزينته تتعاطى مع ابنائها على قاعدة صيف وشتاء في جيبٍ واحد، فكيف تُعطى الملايين لهيئة غير منتجة فيما القطاعات الانتاجية تُحرَم من اي زيادة منطقية ومبررة؟ إنه قدر الشعب المقهور في الجمهورية القاهرة !
إن كلَّ عائلة لبنانية تتمنى ان يصبح ابنها عضوا في هيئة قطاع النفط، فهل أفضل من أن يتأمَّن المستقبل من دون أي جهد؟ ولكن لو كنا في بلدٍ غير لبنان لكان كل هذا الملف يخضع للمساءلة خصوصًا أن لبنان يعاني خزينةً فارغة لا موارد فيها ولا إيرادات.
أكثر من ذلك أين اصبحت مسألة التنقيب عن النفط؟ عامان مرَّا ولم يحصل شيء وعامان جديدان قد يمران ولن يحصل شيء، فهل نبقى ندفع الملايين من أجل لا شيء؟
لا كهرباء، لا نفط، لا مياه… وفي المقابل رواتب خيالية في قطاعات غير منتجة!
بئس بلدٍ الرواتب فيه وجهة نظر والجدارة في خبر كان.