IMLebanon

الحل السلمي… هو الحل الوحيد

الانتحاريان اللذان فجرا نفسيهما بحزامين ناسفين أمس في منطقة سكنية وشعبية مكتظة بالمساكين والفقراء و»الناس الغلابة» لا يمكن لأي إنسان على وجه الارض أن يتقبل عملهما أو يجد له تبريراً وأن يدافع عنه… هذا العمل الإجرامي مدان بكل الأوجه الدينية والإنسانية والقانونية.

السؤال الكبير ما ذنب هؤلاء المساكين الذين قتلوا وهم عائدون الى بيوتهم بعدما أمضوا ساعات وساعات في العمل المضني من أجل لقمة العيش؟!.

ما ذنب الذين قتلوا وهم يشترون بعض الإحتياجات لإطعام أولادهم؟ ذنبهم الوحيد أنهم يعملون بجهد وإخلاص من أجل لقمة العيش.

أعود الى مشكلة ثانية هنا ليس دفاعاً على أي إنسان يفخخ نفسه بحزام من المتفجرات لكي يقتل شعباً بريئاً بل علينا أن نعود الى جذور الأسباب.

أبدأه أولاً بالإجرام اليهودي على فلسطين شعباً وأرضاً.

شردوا الشعب الفلسطيني واغتصبوا أراضيه وبيوته… وطردوا شعباً بأكمله من أرض إجداده! لماذا؟ لسبب وهمي وهو أنّ اليهود يدّعون أنّ فلسطين أرض أجدادهم، وهنا أريد أن أروي قصة حصلت بين الملك فيصل بن عبدالعزيز آل سعود رحمه الله وبين المرحوم الرئيس الفرنسي شارل ديغول، هذه الحادثة حصلت في 22 أكتوبر وكان الرئيس ديغول أول رئيس للجمهورية الفرنسية الخامسة.

قال ديغول:

يتحدث الناس بلهجة متعالية أنكم يا جلالة الملك تريدون أن تقذفوا بإسرائيل في البحر، إسرائيل هذه أصبحت أمراً واقعاً ولا يقبل أحد في العالم رفع هذا الأمر الواقع.

أجاب الملك فيصل: يا فخامة الرئيس أنا أستغرب كلامك هذا، انّ هتلر احتل باريس وأصبح احتلاله أمراً واقعاً وكل فرنسا استسلمت إلاّ (أنت) انسحبت مع الجيش الانكليزي وبقيت تعمل لمقاومة الأمر الواقع حتى تغلبت عليه فلا أنت رضخت للأمر الواقع ولا شعبك رضخ، فأنا أستغرب منك الآن أن تطلب مني أن أرضى بالأمر الواقع.

والويل يا فخامة الرئيس للضعيف إذا احتله القوي وراح يطالب بالقاعدة الذهبية للجنرال ديغول أنّ الاحتلال إذا أصبح واقعاً فقد أصبح مشروعاً.

دهش ديغول من سرعة بديهة الملك فيصل والخلاصة المركزة التي بلغها بهذا الشكل فغيّر لهجته وقال:

يا جلالة الملك يقول اليهود إنّ فلسطين وطنهم الأصلي وجدّهم الأعلى إسرائيل ولد هناك…

أجاب الملك فيصل: فخامة الرئيس أنا معجب بك لأنك متديّن مؤمن بدينك وأنت بلا شك تقرأ الكتاب المقدس، أما قرأت أنّ اليهود جاؤوا من مصر!!؟؟ غزاة فاتحين… حرقوا المدن وقتلوا الرجال والنساء والأطفال… فكيف تقول إنّ فلسطين بلدهم؟ وهي للكنعانيين العرب واليهود مستعمرون وأنت تريد أن تعيد الاستعمار الذي حققته إسرائيل منذ أربعة آلاف سنة، فلماذا لا تعيد إستعمار روما لفرنسا الذي كان قبل ثلاثة آلاف سنة فقط!!؟

أتصحح خريطة العالم لمصلحة اليهود ولا تصححها لمصلحة روما؟!.

وأضاف الملك: نحن العرب أمضينا سبعمائة سنة في جنوب فرنسا في حين لم يمكث اليهود في فلسطين سوى سبعين سنة ثم نفوا بعدها…

قال ديغول ولكنهم يقولون إنّ أباهم ولد فيها!!؟

أجاب الملك فيصل: غريب!!! عندك الآن مئة وخمسون سفارة في باريس وأكثر السفراء يلد لهم أطفال في باريس فلو صار هؤلاء الاطفال رؤساء دول وجاؤوا يطالبونك بحق الولادة في باريس! لا أدري لمن ستكون!!؟

سكت ديغول وضرب الجرس مستدعياً (بومبيدو) وكان جالساً مع الأمير سلطان ورشاد فرعون في الخارج وقال ديغول: الآن فهمت القضية الفلسطينية أوقفوا السلاح المصدّر لإسرائيل.

وكانت إسرائيل يومها تحارب بأسلحة فرنسية وليست أميركية.

ومن نافل القول هنا إن اسرائيل ذات مصلحة مباشرة في تنامي ظاهرة الارهاب، خصوصاً ان ما حدث امس من تفجيرين في الضاحية يصب في مصلحتها لأن من اهدافها تحريض اللبنانيين على الفلسطينيين وبالعكس،  وهو ما التزمه «داعش» في تبنيه للجريمة الارهابية، واللافت ايضاً ان توقيت الحدث في مرحلة الاسترخاء اللبناني التي أعقبت التسوية السياسية، والتي ترجمت في مجلس النواب امس، هذا التوقيت يخدم مصلحة اسرائيل مباشرة، كائنة من تكون الاداة التنفيذية.

فالعنف يولد عنفاً والإرهاب يولد إرهاباً إذا كنا نريد حقاً أن نتخلص من الإرهاب هناك طريق واحد لا طريقان فلتجلس جميع الدول التي أرسلت جيوشها لقتل الشعب السوري وتذهب الى «ڤيينا» أو أي عاصمة ولا تعود قبل الوصول الى اتفاق، لا يهمني ما هو، يهمني أن يحصل اتفاق على حل في سوريا يرضي الجميع.

وبهذه المناسبة أقول لأميركا أيضاً إنّ مصيرها سيكون أسوأ مما يجري اليوم في سوريا والعراق وليبيا واليمن إذا لم تتوصل الى حل مع الفلسطينيين.