IMLebanon

الحوض الرابع شاهد على تراجع المسيحيين في الدولة

اجتمعت الاحزاب المسيحية في بكركي وعلا صوتها على المنابر وفي وسائل الاعلام احتجاجاً على الإجراء الحكومي والقرار باعدام الحوض الرابع لمرفأ بيروت من دون ان تتمكن من تغيير فاصلة في المصير الاسود للحوض الذي يعتبر «الاعمق» في البحر المتوسط والاكثر قدرة على استيعاب البواخر الكبيرة ، فما كتب قد كتب لهذا الموقع تقول اوساط مسيحية، رغم كل الاحتجاجات واجماع المسيحيين بالوقوف صفاً واضحاً ضد قرار رسمي في سابقة قلما يلتقي حولها ممثلو الاحزاب المسيحية الذين تفرقهم السياسية وتجاذباتها في العادة عدا مصالحهم وحسابات شارعهم الانتخابي، وكاد هذا الموقف التاريخي وغير المسبوق للاحزاب المسيحية ان يذهب ادراج الرياح بعد ان باشرت شركة «حورية» قضم وردم الموقع رغم كل الاعتراضات وكل الحملة التي شنت ضد قرار الردم لولا اللحظة الاخيرة التي جرى فيها تجميد اعمال الردم ريثما يتم ايجاد المخرج الملائم للموضوع .

هذا الحدث الذي اظهر عجز الاحزاب المسيحية التي قصدت التلطي بعباءة بكركي لممارسة ضغوط اكثر لا يفترض كما تقول الاوساط المسيحية ان يمر مرور الكرام ودون استخلاص العبر منه والدروس قبل ان تتفاقم الامور اكثر في الوسط المسيحي وقبل ان يسحب البساط من تحت الكبار والاقوياء على الساحة المسيحية ، فما جرى في مرفأ بيروت يعكس تردي الحال وتراجع المسيحيين في الدولة وهو يصح ايضاً على موضوع رئاسة الجمهورية ويشبهه في جوانب كثيرة ، فلو ان المسيحيين توحدوا فيما مضى قبل ان يقع الفراغ الرئاسي لما اصاب الكرسي الاولى ما اصابها من تعطيل وفراغ ، ولو ان الخلافات والانقسامات لم تعصف بهم لما وصل الحضور المسيحي في الدولة الى ارقام مخجلة وفضائحية تعكس تراجعهم واندحارهم ادارياً امام الطوائف الاخرى .

من هذه العبرة، يمكن اعتبار ان تقارب معراب والرابية على علاته ونتائجه التي قد لا تكون على المستوى المطلوب والمقدر له ، يبقى حسب الاوساط المسيحية افضل ما انجزه الرجلان في تاريخهما المليء بالحروب والخلافات المضنية . صحيح ان هذا اللقاء قد لا يكون ربما اكثر من محطة لتنظيم الخلافات بينهما في حين ان رئاسة الجمهورية قد تبقى عائقاً بينهما إلا إذا صحت توقعات البعض بان يسلك التفاهم بين معراب والرابية طريق المداورة في الرئاسة على اساس «دورة رئاسية للجنرال واخرى للحكيم» ، إلا ان اللقاء له اهميته وخصوصيته المسيحية التي لا يمكن لاحد ان يفهمها ويستوعبها الا بمرور الوقت ، فالوقت كفيل كما تقول الاوساط بطي الاحداث وتجاوز الكثير من المسائل الحساسة والساخنة ، وهذا ما يبرر تأخر لقاء الزعيمين المسيحيين ريثما تستوي الطبخة بينهما وللحصول على رضى القاعدة وتغاضيها عن الكثير من التفاصيل والتاريخ المشترك بين الطرفين .

ولعل في حادثة الكلام الذي حصل مع النائبة ستريدا جعجع عقب حادثة القنيطرة العبرة الاهم في ما آلت اليه تفاهمات الطرفين على حدّ قول الاوساط، فالتيار الوطني الحر حاول باقصى وسائله الخروج من «زلة» إعلامه لتفادي اي سقطة وما يمكن ان يعكر الخطوات الجارية بين معراب والرابية ، وهذا ما تفعله بالمقابل معراب التي تسعى جاهدة الى محاولة تلميع العلاقة وتبييض السجل مع الرابية ولعل حال التكتم التي تسود الاجتماعات هي خير دليل على ان الطرفين حريصين على عدم افساد الطبخة او الود القائم بينهما .

صحيح ان التجارب الماضية لم تكن مشجعة وانتهت الى نتائج دراماتيكية ومأساوية على المستوى المسيحي، وصحيح ان التوقعات ان صحت بان اللقاء قد لا يقدم الكثير في الملف الرئاسي، او يحقق اختراق ايجابي في هذا الموضوع بقدر ما سيكون عليه من محاولة رفع الصوت ولفت نظر الحلفاء في المستقبل وحزب الله الى ان مصير الكرسي المسيحي يقرره كما تؤكد الاوساط، القادة المسيحيون الأقوياء ، وبعد اللقاءات التي حصلت بين حزب الله والمستقبل والتي تسير على السكة الصحيحية بإلغاء التشنج وبعد رفع الشعارات واللافتات الحزبية من الشوارع ، وصحيح ايضاً ان فكرة انتخاب القوات لسمير جعجع مستبعدة حتى لو تم فرض عون إقليمياً وان الخلاف لا يمكن ان يزول بينهما بسرعة البرق ولذلك طالت اللقاءات وتشعبت ، إلا ان اللقاء يبقى افضل من الخلاف والتشرذم الذي انهك الساحة المسيحية وساهم في ضياع التمثيل المسيحي او ارتهانه للقوى الأخرى ، وجعل الصوت المسيحي غير مؤثر او قادر على مستوى القرار بعدما لم يسمع احد في الجمهورية الاعتراضات المسيحية في شأن الحوض الخامس .